الإعلام الجديد بحربه وسلمه أصبح مفتاحا لحل الكثير من الألغاز، وعلى وجه الخصوص الحالة النفسية. فلقد بات التنوع فيه حقلا خصبا للأطباء والمحللين النفسيين وأصحاب الدراسات العليا في مجالي علم الاجتماع وعلم النفس لدراسة الفحوى والجدوى من استخدام الطرق المختلفة للإعلام الجديد وما أبرز الأعراض الجانبية التي تصاحب مستخدميه. المشكلة الرئيسية ليست في الوسائل الجديدة التي أعطت مساحة من الحرية للجميع بأن يلقي ما في خاطره بكل راحة واطمئنان، بل المشكلة فينا نحن واستخدامنا السيىء لكل جديد.الانتكاسة التي سببها الإعلام الجديد هي أن معظم المستخدمين باتوا يعانون من انفصام في الشخصية، بأن حياتهم الحقيقية بعيدة كل البعد عن حياتهم الافتراضية التي يعيشون أجواءها بحالتي الحب والحرب، فترى الكل يغوص ويبدع في جميع الأحوال الجوية والسياسية والاقتصادية وعلم الرجال وعلم المجتمع... وإلخ من العلوم الدنيوية، بل وصل بالبعض أن استغل هذا العنصر الجديد في الترويج لمنطق مغاير عن الواقع وترى أنواع الإعجاب والردود التي توهمه بأنه شخص غير عادي بل لربما تفوق على كل البشر في استخدام عقله. في أروقة هذا الجديد تجد كل من تسول له نفسه الاصطياد في الماء العكر للاستنقاص من الآخر على أسس عرقية بحتة، لأنه مازال يعتقد بأن الله جل وعلا لم يخلق كاملا إلا هو (وإنما الكمال والعظمة لرب العباد)، فتراه يكيل بمكاييل ما أنزل الله بها من سلطان وكذلك تجد في تلك الأروقة أنواع المطبلين الذين تشعر وللوهلة الأولى أنهم قادمون من كوكب آخر غير المعمورة التي نعيش عليها. المشكلة الرئيسية ليست في الوسائل الجديدة التي أعطت مساحة من الحرية للجميع بأن يلقي ما في خاطره بكل راحة واطمئنان، بل المشكلة فينا نحن واستخدامنا السيىء لكل جديد، فالغرب اخترع تقنية التواصل عن بعد ال (bluetooth) كوسيلة اتصال مشفرة بين أجهزة معينة ليستطيعوا نقل المعلومات الهامة والسرية من جهاز إلى آخر بطريقة لا يمكن اختراقها، وعندما وصلتنا التقنية مطلع الألفية الجديدة أتذكرون ماذا حصل؟