يتجه العراق تدريجياً إلى مصير مجهول، بالنظر إلى إحجام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وحزبه الحاكم الموالي لطهران، عن اتخاذ أي خطوات تدل على أنه سيتراجع عن سياساته الطائفية الإقصائية للعراقيين العرب. بل ان المالكي، بدلاً من مراجعة السياسات التي أوصلت العراق إلى هذا المستوى من الاضطراب والمواجهات، أقدم على خطوة تصعيدية وإقصائية جديدة تمثلت بتعليق ترخيص لمكاتب قنوات فضائية عراقية تساند قضايا الهوية العربية في العراق، وتدافع عن عروبة العراق، فيما تحظى قنوات طائفية مؤيدة للنفوذ الإيراني في العراق بحماية المالكي ورعايته. وفي العام الماضي منعت حكومة المالكي محطات عالمية، مثل محطة بي بي سي البريطانية، معروفة بحياديتها وحرفيتها، من العمل في العراق. لأن تقارير هذه المحطات تفضح الممارسات المعادية للعرب والعروبة والمعتدية على حقوق الإنسان الأساسية في العراق. وإجراء اغلاق الفضائيات العربية جاء مرافقاً أيضاً لتهديدات مستمرة من حكومة المالكي وميلشياتها للعراقيين العرب بأنها سوف تستخدم وسائل البطش لوقف الاحتجاجات العربية المطالبة بتغيير سياسات حكومة المالكي العدوانية. ولا يبدو أن هذه المطالب ستتحقق ونوري المالكي يملك سلطة القرار في العراق. لأن المالكي لا يجيد سوى مهمة واحدة فقط، هي سياسة الإقصاء وفتح السجون السرية والعلنية، وتلفيق الاتهامات للعرب، وعرض اعترافاتهم المنتزعة بالقوة في الفضائيات العراقية، وإعداد المشانق لهم، كما أن أداء المالكي يظهر بجلاء أنه يلتزم بالولاء لطهران ويقدم المصالح الإيرانية على المصالح العراقية. وقد حول العراق إلى مزرعة إيرانية، يمارس فيها اتباع إيران كل مؤامراتهم وطموحاتهم وأطماعهم على حساب الحقوق العربية وهوية العروبة وكرامتها، بينما الدولة الراعية للتنوع الديني والمذهبي والفكري في العراق، فإنها تحتاج إلى سلطة وطنية مستقلة عن أية تدخلات خارجية، سلطة تحرص على سيادة العراق وتكرس جهودها من أجل نهوضه وتحقيق العدالة للعراقيين بجميع طوائفهم وأديانهم واعراقهم، وبدء تاريخ جديد ليعود العراق العظيم قائداً للأحداث في المنطقة وليس مسرحاً لردات الفعل ولا حديقة خلفية لطهران تمارس فيها مؤامراتها المعادية للأمة العربية. وكان يفترض في المالكي، منذ ولايته الأولى، أن يبدأ برنامجاً جاداً وحقيقياً للمصالحة الوطنية في العراق، يحقق أحلام العراقيين، كل العراقيين، بالعدالة والرخاء والكرامة والسيادة والفخر بعراق ينهض. ولكن المالكي انحاز للقوى المحتلة واختار الطريق الخطأ واجتهد في رهن العراق للمصالح الإيرانية وعادى كل ما هو عروبة وعربي. وبهذه السياسة القصيرة النظر، ضيع المالكي فرصة أن يكون زعيماً تاريخياً، وقاد العراق إلى طريق مظلم، مليء ببرك الدماء وصيحات المظاليم وظلمات السجون. وفرض علاقات الكره الطائفية المقيتة.