جدد الزلزالان اللذان اصابا ايران الاسبوع الماضي والذي شعر بهما سكان منطقة الخليج العربي المخاوف من وقوع زلزال مدمر في منطقة بوشهر الذي يقع فيها المفاعل النووي الايراني ما يؤدي الى تسرب اشعاعي كالذي حدث في مفاعل فوكوشيما في اليابان او ما سبقه في تشرنوبل. ومما لاشك فيه فان اي تسرب اشعاعي من هذا النوع ستكون له نتائج كارثية على سكان المنطقة منها كوارث انسانية وبيئية واقتصادية , أراضي دولة الكويت وشرق المملكة والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة سوف يصلها الغبار المشع بدرجات مختلفة وهذا بدوره سوف يترك آثاره السيئة على المنطقة وسيرهق ميزانيات هذه الدول لسنين عديدة بتخصيصات مالية لمواجهة ومعالجة آثار الكارثة في هذا المقال اود ان اركز على الكوارث الاقتصادية المحتملة جراء اي تسرب اشعاعي من مفاعل بوشهر الايراني على المنطقة . ان حياة الانسان هي أعز شيء وان الممتلكات لا قيمة لها ان هو فقد الحياة ولكن الغرض من التنويه بالكوارث الاقتصادية هو لاعطاء تصور لحجم الخسائر الاقتصادية المتوقعة , لعله يدفعنا الى ان لا نبخل على انفسنا من البذل في سبيل الوصول الى الاستعدادات الوقائية المطلوبة والتي قد يراها البعض تكاليف لا مبرر لها. اي ان تسربا اشعاعيا يحدث بالمنطقة سوف يؤدي الى كارثة اقتصادية قد تغير مستقبل المنطقة للسنوات العشر القادمة على اقل تقدير. ملامح هذا السيناريو تبدأ بتلوث مياه الخليج ووصول هذا التلوث الى سواحل دول مجلس التعاون ما يؤي الى عدم صلاحية المياه المحلاة المنتجة من محطات التحلية وبالتالي توقفها . ونظرا لكون الخليج العربي بحر شبه مغلق حيث يقدر الخبراء ان مياه الخليج تحتاج من سبع الى تسع سنين لتتغير من خلال مضيق هرمز, لذا فان تركيز المواد المشعة في مياهه سوف لن يزول ويتلاشى بسهولة وهذا يعقد الامر ويمعن بتلويث كل اشكال الحياة البحرية في الخليج وبالتالي يتأثر ويتوقف صيد الاسماك تماما ولسنين عديدة. وبالطبع هذا سوف يكون له تأثير اقتصادي سلبي لايستهان به. ارتفاع تكاليف الابحار ونقل البضائع الى موانئ الخليج والتأمين وقد يصل الحال الى امتناع بعض شركات الملاحة عن الدخول الى الخليج. هذا ما قد يتعرض له البحر أما بالنسبة للبر فان أراضي دوله الكويت وشرق المملكة والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة سوف يصلها الغبار المشع بدرجات مختلفة وهذا بدوره سوف يترك اثاره السيئة على المنطقة وسيرهق ميزانيات هذه الدول لسنين عديدة بتخصيصات مالية لمواجهة ومعالجة اثار الكارثة وجل هذه التكاليف سوف تكون تكاليف صحية لمعالجة مواطنيها من انواع مختلفة من الامراض اهمها السرطان والامراض النفسية ,يتلوها تكاليف تنظيف وتطهير المنشأة والمدن من المواد المشعة وسوف تكون المعضلة هي كيفية تطهير الاراضي المكشوفة والصحاري المحيطة بالمدن. وهناك تكاليف اخرى لوجستيه منها على سبيل المثال توفير مياه بديلة عن محطات التحلية. بلا شك لن تكون التكاليف هينة وسوف تتخطى مئات المليارات من الدولارات . ولتقريب الصورة اكثر سأورد بعض الامثلة عن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن كارثتي تشرنوبل وفوكوشيما . شركة واحدة على سبيل المثال لا الحصر لتربية الابقار في اليابان خسرت ستة ونصف مليار دولار واشرفت على الافلاس بسبب تلوث لحوم ابقارها . وأصيبت صناعة صيد الاسماك بنكسة , فعلى بعد 800 كيلومتر من ساحل فوكوشيما تم رصد مواد مشعة 300 مرة اكثر من المعدل الامن في المياه مما يجعل اسماكها ملوثة.وخصصت اليابان 8 مليارات دولار لتنظيف منطقة التسرب فقط كاجراء سريع. وأما كارثة تشرنوبل فلقد تضررت منها ثلاث دول اوكرانيا والتي يقع فيها المفاعل وبيلو روسيا والاتحاد الروسي . أثرت على حياة 7 ملايين انسان وهجٌرت 330 الف انسان من قراهم ولوثت مزارع وغابات تقدر مساحتها ب 15 الف كيلومتر مربع. بيلوروسيا الدولة المجاورة خصصت جزءا كبيرا من ميزانيتها ولمده عشرين عاما لمعالجة اثار الكارثة فاقتطعت 22% من ميزانيتها السنوية عام 1991 وتدرجت الاقتطاعات الى ان وصلت الى 6% عام 2002 . وقدرت خسائر هذه الدول من جراء هذه الكارثة حتى الان ب 235 مليار دولار. ناشط بيئي واعلامي متخصص بالطب الطبيعي [email protected]