لا تزال كارثة مفاعلات محطة فوكوشيما النووية الستة التابعة لشركة طوكيو لتوليد الطاقة الكهربائية الناجمة عن الزلزال الهائل الذي ضرب شمال شرق اليابان في 11 مايو2011 في تفاقم مستمر، ولا تزال دائرة أخطارها الإشعاعية في اتساع مطرد لدرجة قد تطال أضرارها جميع أرجاء المعمورة، وقد أعلنت الحكومة اليابانية رسمياً في الثاني عشر من أبريل في اعتراف رسمي بأن كارثة فوكوشيما قد خرجت عن سيطرة كل من الحكومة اليابانية وجهود شركة طوكيو لتوليد الكهرباء وقد عبرت عن ذلك بأن الحادثة قد بلغت المستوى السابع على مقياس حدة الأحداث النووية العالمي، وهو (أي المستوى السابع) ذروة المقياس المشار إليه علماً بأنه لم يسبق لحادثة نووية عالمية أن بلغت تلك الذروة من قبل سوى حادثة تشرنوبل التي وقعت في الاتحاد السوفيتي السابق في عام 1986م، ويعزو تقرير (تشرنوبل: تداعيات الكارثة على الإنسان والبيئة ) الصادر عن أكاديمية نيويورك للعلوم في 2010م، يعزو وفاة زهاء مليون إنسان (985,000) لحادثة تشرنوبل على خلاف تقديرات وكالة الطاقة النووية العالمية ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية والتي تقدر جميعها عدد الوفيات المباشرة بسبب ذات الحادثة إلى 50 حالة فقط، وأن عدد من سيصابون بالسرطانات المختلفة بسبب حادثة تشرنوبل لن يتجاوز 4,000 شخص على المدى البعيد، وهي أرقام يراها كثير من المتخصصين غير واقعية، لكن ما يستحق الملاحظة في المقارنة بين الحادثتين هو أن الأولى وقعت في مفاعل واحد فقط أما الثانية فلست مفاعلات مجتمعة إضافة إلى أن تسرباتها الإشعاعية مفتوحة على مياه المحيط (المحيطات) مما يستوجب بالفعل مجهوداً عالمياً مشتركاً لمحاولة احتوائها ودرء مخاطرها عن بقية بقاع العالم. عدد من العلماء المهتمين بحادثة فوكوشيما كمثل الباحث في علوم البحار د. كين بوسيلير بمؤسسة (وودس هول) لعلوم البحار، وكمثل العالم الروسي البروفسور (إليكسي يبلوكوف) يؤكدون بأن كمية التلوث الإشعاعي المنبعث من مفاعلات فوكوشيما إلى الهواء واليابسة ومياه المحيط بعد مرور أسبوعين فقط من وقوع الحادثة قد تخطت معدلات سابقتها في حادثة تشرنوبل، مما يعنى أن حادثة فوكوشيما ستتسبب حسب هذه الدراسات على الأقل في الإصابة بما لا يقل عن مليون حالة إصابة بالسرطان (مقارنة بالإحصائية المشار إليها أعلاه) بنسب متفاوتة حسب قرب الدوائر المحيطة بالمفاعلات. قد لا تأخذ حادثة فوكوشيما حيزاً كبيراً من اهتمام المواطن العربي المنشغل أصلاً بمشاكله الداخلية وبتطورات المنطقة الساخنة من ولوج وشيك لليمن إلى أتون حرب أهلية يحاول الرئيس علي عبد الله صالح أن يجرها إلى اليمن ليضمن استمرارية ولو قصيرة جداً للبقاء على كرسي الحكم، وما هو جارٍ في سوريا من قتل يومي ذريع للشعب على يد رجال النظام الطائفي ورفض النظام القيام بأية خطوات إصلاحية حقيقية مبنية على التعددية، أو الاقتتال القائم بين ثوار ليبيا والقوات الموالية لمجرم الحرب العقيد معمر القذافي وما ترتكبه قواته من فظائع في تلك البلد الشقيقة، أو حتى المتغيرات الإيجابية كقرار حكومة مصر الثورة بفتح معبر رفح بين مصر والقطاع بشكل دائم الأمر الذي يستوجب منا كل الشكر والعرفان للحكومة المؤقتة المصرية في رقع بعض من المعاناة عن الشعب الفلسطيني الأبي، لكن مشكلة فوكوشيما في حقيقتها مشكلة عالمية وليست يابانية بحتة وستصل تداعياتها الصحية للبلاد العربية إن عاجلاً أو آجلاً ولا بد من مجابهتها عالمياً وبالنسبة للمنطقة العربية الإسلامية لا بد من إجراء الدراسات الواقعية عن انعكاساتها علينا ولتخفيف آثارها على البلاد العربية إلى أدنى المستويات. [email protected]