يحصل أن تتوالى الطلبات من القراء لشاعر يتابعونه بأن يكتب عن قضايا أو مواضيع تشغل اهتماماتهم، فيأتي مَن يهتم بالرياضة، ويطالب الشاعر بقصيدةٍ عن ناديه المفضل ويعاتبه لعدم كتابته، ويأتي المهتم بالسياسة ويطلب الكتابة عن الأحداث السياسية، وقد يشكّك في وطنية الشاعر أو إيمانه حتى إن لم يقم بالكتابة او أعرض عن الطلب. من الواجب على القارئ تجاه نفسه أن يبحث عن الجميل المختلف وليس العادي المتكرر فهو ما يُثري ثقافته ورؤيته للشعر والأدب، وما الشعر الذي يقال في كل مناسبة إلا شعر مناسبة ينتهي بنهايتها ويفنى. وكأن القارئ لا يُدرك أبدًا أن الشاعر الحقيقي هو الشاعر المستقل بفكره وباهتماماته وشخصيته، المبدع فيما يُحب لا ما يُحبه الآخرون الذكي بالتقاط الأفكار المناسبة له، وليست المناسبة لهم، فقدرة الشاعر تتقلص عندما تُفرض عليه المواضيع أو طريقة الكتابة ووقتها، فتجلّيه يختلف وإحساسه يختلف وحتى رأيه فيما يكتب يصبح مختلفًا تمامًا عن المعتاد. قد يكون الشاعر لا يحب كرة القدم أو لا يحب الخوض في السياسة وله كل الحق بعدم الكتابة عمّا لا يستهويه الكتابة عنه، فهو بكل الأحوال لن يجيد ولن يرضي كل قارئ ورضا الناس غاية لا تُدرك. هذا النوع من القراء وصل به الكسل عن البحث الى أن يحصر كل ما يُريد في نافذةٍ واحدة فهو يريد أن يقرأ عن كل ما يريد من كاتبٍ او شاعر واحد، وهي سُلطة غير مستحقة يطيّعها بعض الشعراء ويندم في نهاية المطاف، فسِرّ نجاح الإنسان ظهوره بشخصيته الطبيعية، ومن الواجب على القارئ تجاه نفسه أن يبحث عن الجميل المختلف وليس العادي المتكرر، فهو ما يُثري ثقافته ورؤيته للشعر والأدب، وما الشعر الذي يُقال في كل مناسبةٍ الا شعر مناسبة ينتهي بنهايتها، ويفنى وهو الذي لا يستحق البقاء، فقد كُتِب في ظروفٍ خارجةٍ عن الإرادة بطلب من أشخاص خارجين عن رغبات الشاعر الشخصية؛ ليتم نشره وإظهار الشاعر وهو خارج من مساره الطبيعي، فإن أدرك الشاعر هذه النقطة فقد ينجو بما يملك من موهبةٍ تستحق الحمد والشكر من الله “سبحانه وتعالى”، وإن لم يدركها فسيسقط أمام أول ذائقةٍ حقيقيةٍ تُقرأ له.