يعم الظلام مقهى الانترنت الذي يقع بالعاصمة الصينية بكين، ولا يلوح في المكان سوى بصيص الضوء الخافت الذي ينبعث من الشاشات وينعكس على وجوه مرتادي المقهى، ويغلف الصمت الحاضرين، فلا يسمع سوى طنين أجهزة الكمبيوتر، حتى يكسر أحد الجالسين حالة السكوت عندما يدق بيده على المائدة في غضب ويشعل سيجارة وهو تبدو عليه ملامح الإحباط . لقد خسر هذا الرجل لتوه أحد الشخصيات التي يخوض بها غمار أحد الألعاب الإلكترونية على شبكة الانترنت، ولكن لا أحد من الجالسين حوله أمام شاشات الكمبيوتر يلتفت حيث أنهم جميعا مستغرقون في ممارسة ألعاب مماثلة. وتقول دينج دان صاحبة مقهى الانترنت "بعد 24 ساعة، نضطر أحيانا إلى طرد الجالسين خارج المكان" , وتضيف دان، التي تدير مقهى الانترنت منذ عشرين عاما "الرجال على وجه الخصوص لا يريدون الرحيل، فهم يريدون البقاء هنا طيلة الوقت وينسون بشأن أسرهم في المنزل"، وتضيف أن النساء من زبائن المقهى لا يبقين طويلا ويستخدمن أجهزة الكمبيوتر في الدردشة عبر الانترنت. ويثير الإقبال المتزايد على الألعاب الإلكترونية قلق السلطات الصينية منذ فترة طويلة. وتشير الإحصاءات الوطنية إلى وجود 560 مليون مستخدم لشبكة الانترنت في الصين وأن ستين بالمئة من هذا العدد يمارسون ألعاب الكمبيوتر على الانترنت بشكل منتظم. وأثارت هذه الظاهرة تقارير إعلامية متوالية بشأن تفشي مشكلة إدمان الانترنت، كان آخرها قصة شاب أمضى ست سنوات داخل مقهى للإنترنت. وتتعاون 15 وزارة بالحكومة الصينية في الوقت الحالي للتوصل إلى خطة لعلاج هذه المشكلة. وتتضمن الخطة وضع تعريف لمفهوم إدمان الانترنت بحلول نهاية العام الجاري ثم صياغة قوانين للتعامل مع هذا الإدمان خلال ثلاث سنوات. ويرى بي يجين أستاذ العلوم السياسية والقانون في جامعة العلوم السياسية في بكين أن إدمان الانترنت يمثل مشكلة خاصة في الصين حيث تؤدي ساعات الدراسة الطويلة إلى شعور بالإجهاد الشديد