الظروف التي أملت على دول الخليج إنشاء مجلس التعاون الخليجي هي مواجهة التحديات التي طرحتها الثورة الخمينية وبزوغ إيران جديدة في حالة ثورية تنزع إلى التمدد والهيمنة على الإقليم مع وجود حكم عراقي ينزع أيضا إلى استعراض عضلاته من خلال حربه مع إيران وتهافت الدولتين على الاستئثار بالمنطقة وفرض حالتهما الثورية على خليج مسالم. لقد أثبت تجمع مجلس التعاون أن الأهداف التي حتمته كانت صائبة وتتمتع بحصافة في التفكير الاستراتيجي البعيد وها نحن في هذه المرحلة الدقيقة نرى أن دور المجلس آخذ في الصعود وإثبات الوجود السياسي والعسكري خصوصا أن إيران التحدي الأكبر مازالت دولة تهدد الكيان الخليجي بفعل نزعتها الحالمة في التمدد وتغيير موازين القوى وتعديل الخريطة السياسية والجغرافية لأهم منطقة استراتيجية في العالم مستفيدة من اختراقها للعراق بفعل الاحتلال الأمريكي ولعل اتهامات دول الخليج لإيران والجأر بالشكوى باستمرار ثبت صدقها لدى من يشكك أو يعتقد أن دول الخليج تضخم من شكواها لأسباب سياسية وها هي البحرين والتدخل الإيراني في شؤونها أبلغ دليل وكذلك شبكة التجسس في دولة الكويت وعبثها بأمن اليمن واحتلالها للجزر الإماراتية وإذا ما وسعنا الدائرة إلى العالم العربي رأينا خطفها للقضية الفلسطينية من خلال دعم حركة حماس ومنعها من توحيد الصف الفلسطيني وكذلك دعمها لحزب الله في لبنان من أجل وضع يدها على لبنان. نجاح دول المجلس في الآونة الأخيرة وتحقيقها نجاحا كبيرا في كشف النوايا الإيرانية يثبت قدرة وأهمية المجلس مع قناعتنا التامة أن المجلس يحتاج إلى أن يلعب دورا أكبر على المستوى العربي والدولي وهو قادر على تحقيق اختراق في العديد من القضايا والملفات العربية من خلال المواقف السياسية الموحدة في القضية الفلسطينية اللبنانية ومن قضايا مثل العراق وأفغانستان أو مما يحدث في عالمنا العربي من تحولات سياسية مفاجئة تتطلب من دول المجلس اليقظة والتخطيط السليم للمستقبل. كما نأمل أن يتم تطوير المجلس ليأخذ دوره على المستوى الاقتصادي والشعبي لخدمة الاقتصاد الخليجي وتطوير الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لمواطني المجلس، والتطور سنة الحياة وضمانة المستقبل الناجح الذي يستجيب لتحديات الحاضر. قدرة وقوة المجلس التي رأيناها في الأزمة الحالية هي مثار إعجاب وتقدير الشعب الخليجي وضمانة لأمنه واستقراره.