لاشك أن العناية بالمناطق التاريخية وتطويرها تجسد الوعي الحضاري لدى المسئولين في الأمانات والبلديات ، ولا شك أن هذه المناطق التاريخية تحكي قرونا من تاريخ الوطن ، وأثناء سفري إلى بلدان عديدة زرت المناطق التاريخية المركزية التي غدت معلما سياحيا بارزا تحيطه ساحات واسعة وحدائق جميلة وشوارع فسيحة و تتواجد حولها المتاحف التاريخية و الطبيعية ومتاحف التراث والفنون الجميلة ، والمقاهي المريحة المطلة على الساحة المركزية و الدكاكين التي تعرض السلع القديمة والحديثة فتذكرت : المنطقة التاريخية بالأحساء التي تشمل قلعة الكوت مقر قصر الحكم عبر القرون الماضية ، وهذه القلعة التي كانت محاطة بسور ضخم على شكل مربع يشرف من جهة الشرق على سوق مدينة الهفوف ، وله بوابة ضخمة كانت تسمى ( دروازة العليمي ) وفوقها مقر المبرقات ، و يشرف السور من جهة الشمال على بساتين النخيل التي ترويها عين أم خريسان ويمتد من الشرق الى الغرب ليشمل قصر ابراهيم الذي لا يزال قائما وقد تمت صيانته وصار معلما سياحيا جميلا ، وفي هذه الجهة كانت البوابة الشمالية للقلعة وتقع ساحة فسيحة غرب قصر ابراهيم و كانت تسمى براحة الخيل ، ويشرف السور من جهة الغرب على مزارع النخيل ليمتد من الشمال الى الجنوب ، وقد دخل الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله قلعة الكوت فاتحا الأحساء سنة 1331هج ، من فتحة فيه غرب القلعة ، ويشرف الجزء الجنوبي من السور على مزارع فاصلة بين قلعة الكوت وحي النعاثل ، وازيلت المزارع قبل هدم السور ليكون محلها شارع سمي فيما بعد شارع البلدية ، و كانت تنتصب على أركان السور أبراج ضخمة تمت ازالتها مع السور منذ خمسين سنة أو أكثر، هذه هي المنطقة التاريخية في مدينة الهفوف مقر حكم الأحساء منذ قرون . الحالة الراهنة للمنطقة التاريخية بالأحساء : بعد أن صليت العصر في جامع الجبري الواقع شمال غرب الكوت في الأسبوع الماضي ، تجولت في الأزقة والسكك المحيطة بالجامع حتى وصلت الى قرب قصر الحكم وتجولت في الأزقة المجاورة له فذرفت عيناى الدموع حينما رأيت حي الكوت وقد تحولت معظم بيوته الى أنقاض جثمت على الأرض ، ولم تقم أمانة الأحساء باتخاذ أي أجراء لتحسين وتطوير هذه المنطقة التاريخية لقصر الحكم ، التي لو استنطقت لحكت للأجيال تاريخا حافلا بالمجد العلمي والثقافي والسياسي لاسيما دخول الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وازالة النفوذ الأجنبي من أقليم الأحساء الممتد من العراق شمالا الى اليمن وعمان جنوبا الذي يطل على الخليج العربي شرقا ودول مجلس التعاون الخليجي . و أملي كبير في وعي المهندس فهد الجبير واركان أمانة الأحساء المخلصين تحويل هذه الأنقاض الترابية بهذه المنطقة التاريخية بالأحساء الى حدائق جميلة ومرافق حيوية وشوارع فسيحة لتمنح قصر الحكم ما يستحقه من منظر حضاري يعزز مكانته التاريخية والثقافية والسياسية ، وذلك بتشكيل لجنة هندسية توثق الممتلكات المهدمة وغيرها وتعوض أصحابها بمبالغ جزلة تأخذ في الحسبان الأهمية الأستراتيجية للمكانة التاريخية و العمرانية أثناء التثمين لكامل حي الكوت كمرحلة أولى ثم يليها حي النعاثل والرفعة الشمالية والجنوبية . [email protected]