ترجمة : عبد الوهاب ابوزيد القطة في المطبخ هل سمعت بالصبي الذي مر عابراً بالماء الأسود؟ لن أقول المزيد. لننتظر بضعة سنين. أراد الماءُ أن يُولَج. يحدث أن يمشي رجلٌ ما بجوار نبع، فتمتدُّ يدٌ وتقوم بسحبه نحو جوفه. لم تكن هنالك نية على وجه التحديد. كان النبع وحيداً، أو محتاجاً للكالسيوم، وكانت العظام ستفي بالغرض. ما الذي حدث حينئذ؟ كان الأمر يشبه نسيم المساء العليل، وكان يتحرك ببطء، متنهداً مثل امرأة طاعنة في السن في مطبخها أواخر الليل، ترتب الأواني، وتوقد النار، لتعد شيئاً من الطعام للقطة. القطار المدفون أخْبرني عن القطار الذي يقولُ الناس إن انهياراً ثلجياً قد طمره – هل كان ثلجاً؟ - كان ذلك في كلورادو، ولم يشاهد أحدٌ ما حدث. كان هنالك دخان قادم من المحرك يرتفع خفيفاً خلال قمم شجر التنوب، وكانت هناك الأصوات القادمة من المحرك. كان هناك كل أولئك الناس الذين يقرؤون – بعضهم يقرأ شيئاً لثورو، والبعض الآخر يقرأ لهنري وارد بيشر. وكان هناك المهندس الذي يدخن، ويخرج رأسه. أتساءل متى حدث ذلك. هل حدث بعد انتهاء المرحلة الثانوية، أم حين كان لنا من العمر سنتان فقط؟ دلفنا إلى هذا المكان الضيق، وتناهى إلى أسماعنا الصوت القادم من الأعلى – لم يكن القطار قادراً على زيادة سرعته. ليس من الواضح ما الذي حدث بعد ذلك. هل لا نزال أنا وأنت جالسين في القطار، بانتظار أن تشعل الأضواء؟ أم هل تم طمر القطار الحقيقي بالفعل؛ فصار يخرج في جنح الليل قطارٌ شبحٌ مواصلاً رحلته.. رثاء بابلو نيرودا الماء عمليّ، خصوصا في أغسطس. ماء الصنبور يصب في الدلاء التي أحملها لأشجار الصفصاف الصغيرة التي أكلت الجرادات أوراقها. أو هذه الجرة من الماء التي تقبع إلى جواري فوق مقعد السيارة وأنا أقود سيارتي إلى حيث كوخي. حينما أنظر إلى الأسفل، يبدو المقعد المحيط بالجرة معتما، لأن الماء لا يتعمد أن يعطي، إنه يعطي على أي حال وجرة الماء تقبع هناك وهي تهتز إذ أقود سيارتي عبر ريفٍ لمقلع حجارة من الجرانيت، حجارة ستشكل عاجلا في هيئة قوالب للموتى، الشيء الوحيد الذي تركوه مما كان لهم. لأن الموتى يبقون داخلنا، كما يبقى الماء داخل الجرانيت – وهو نادرا ما يحدث لأن مهمتهم هي أن يذهبوا وألا يعودوا مرة أخرى حتى وإن طلبنا منهم ذلك، لكن الماء يأتي إلينا- إنه لا يأبه بنا، إنه يدور حولنا في الطريق إلى نهر منيسوتا إلى نهر المسيسبي، إلى الخليج دائما أقرب إلى حيث ينبغي أن يكون. لا أحد يضع أزهارا فوق قبر الماء، لأنه ليس هنا، لقد رحل. عن الشاعر : يعد روبرت بلاي المولود في 1926 واحدا من أبرز الشعراء الأمريكان من جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية. يتميز شعره بالتركيز على تصوير الطبيعة الأمريكية بما تحتويه من كائنات ومخلوقات بشكل لا يخلو من الاحتفاء المتسم بالتأمل والتبصر العميقين. يميل في شعره إلى الابتعاد عن الشكلانية المفرطة التي كانت مهيمنة على الشعر الأمريكي لسنوات عديدة وتأتي معظم كتاباته الشعرية ضمن إطار قصيدة النثر التي لا يخفي تحمسه لها.