عندما تدخل مصنعاً في أحد أقطارنا العربية فستجد شهادات الشكر للموظف المثالي في هذا الشهر معلقة على لوحة الإعلانات ، ولكنك إذا ذهبت لليابان ستجد الشهادة والتكريم لفريق العمل ، ولن تجد تكريماً لشخص ،وهنا يكمن الفرق . ثقافة العمل الفردي هي المسيطرة على سلوكنا العملي ، وعقلية «السوبرمان» الفرد الخارق ترسم خريطة التفكير باستحقاقات النجاح ، فنحن نتربى على النزعة الفردية في حياتنا ، واحترام معاني الشراكة والعمل الجماعي حلقة ضعيفة في تكويننا ، فالملكية الفردية تتحكم بطريقة العمل لدينا. ففي حفلات النجاح ننسب الفضل لتفوقنا الفردي ، وفي مراسم الإخفاق نحمِّل باقي الفريق أسباب الفشل ، ونتنصّل بكل شجاعة متسلحين بقذف الاتهامات على البقية . نتابع بشراهة كرة القدم ومع ذلك لم نتعلم منها كيف نعمل كفريق ، ولو رافقتَ النملةَ لتعلمت معنى مملكة النمل ، ولو سألتَ ملكةَ النحل لأخبرَتْك أنها لا تستطيع إخراج العسل بمفردها . في الأعمال الجماعية يكون الناتج أكبر وأسرع وأفضل ، وراقب الوَز كيف يطبق خطة «v» بشكل جماعي في الطيران ليتمكن من زيادة سرعته وتوفير طاقته بنسبة 71٪ ، والجراد يستطيع أن يقطع البحار مع أنه لايطير بشكل دائم لأنه يقفز بحركة جماعية متسلسلة فوق بعضه البعض . لا ينجح العمل الجماعي إلا إذا أسّس على معايير الجماعية المهنية ، ولا يتم ذلك إلا من خلال الشعور بالانتماء للفريق من كافة أفراده ، والسير إلى هدف واحد يتفق عليه الجميع ، وإذا فشلت في زراعة هذا الانتماء أو الإجماع على الهدف فلا تنتظر مايبهرك من الفريق . ويظن بعض الناس أن العمل الجماعي هو تنازل عن جزء من أرباحه لصالح الآخرين ، ويغيب عنه أن العمل الجماعي يقوم على تحقيق كل فرد لذاته وضمان مصلحته من خلال العمل الجماعي . قائد الفريق الحقيقي هو من يؤمن بأن الأفراد يعملون معه وليس عنده ، ويشاركهم النجاح ولا يتفرد بنسبته له ، وهذا نبينا العظيم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم يبحث عن الحطب مع أصحابه ، ويضرب بيده الشريفه بالمعول أيام حفر الخندق ، وعند الجوع كان الصحابي يضع حجراً على بطنه وهو يضع حجرين ، وعندما أشفق عليه جابر -رضي الله عنه- من شدة الجوع أحضر له طعاماً يكفي لرجلين أو ثلاثة معه ، فما كان من النبي إلا أن دعا وهتف بأهل الخندق بأعلى صوته ( جابر أعد لكم وليمة ) ، وبارك الله في الطعام وكان الرسول القائد آخر من أكل . الشك يهدم الفريق ، ولا معنى للاشتراك إذا لم نكن نؤمن ببعضنا ، وبقدرتنا على إكمال خللنا ، فعيوبك يخفيها كمال غيرك ، وتحفيز شريكك يجعل الجميع منطلقا ، والعمل يتوزع بين الأفراد ولا يبوء بحمله القلة ، وأجمل شعار ترفعه : ( نعمل معاً ).