نفذ موظفو المصارف في قبرص اضرابا امس لمدة ساعتين بسبب مخاوف من عدم ضمان اموال صناديق التقاعد في اكبر مصرفين في البلاد بعدما تقرر تصفية ثانيهما في اطار خطة انقاذ الجزيرة. ويأتي ذلك غداة تعهد وزير المالية القبرصي الجديد هاريس جورجيادس بالقيام «بكل الجهود اللازمة» لتطبيق خطة الانقاذ التي تم التوصل اليها مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي للحصول على عشرة مليارات يورو وتجنب افلاس الجزيرة ودعت نقابة «ايتيك» موظفي المصارف الى اضراب ويتجه بعدها الموظفون الى مقر النقابة في نيقوسيا ويسيرون نحو البرلمان. وأشارت النقابة انها «تتابع بقلق شديد التطورات حول موضوع الاتفاق مع الترويكا وذلك رغم الوعود التي قطعتها الحكومة والمسؤولون السياسيون. هناك مسائل تتعلق بمستقبل موظفي البنك لا تزال عالقة». ويأتي الاضراب رغم تأكيدات الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس الاسبوع الماضي بان الحكومة ستبذل كل جهودها للحفاظ على صناديق التقاعد في هذين المصرفين. ولم تحصل اضطرابات في قبرص بسبب الازمة المالية الكبرى التي شهدتها لكن الاجراءات الواردة ضمن خطة الانقاذ الدولية سترغم الجزيرة على القيام باصلاحات مؤلمة تتضمن زيادة ضرائب وخفض عدد موظفي القطاع العام وخصخصة بعض مؤسسات الدولة وتحجيم القطاع المصرفي المتخم الى حد كبير. وقد تعهد وزير المالية القبرصي الجديد الاربعاء بتطبيق اجراءات خطة الانقاذ «بالكامل». وقال «نحن بحاجة للمساعدة الان لكننا سنبذل كل جهودنا لتحسين وضع ماليتنا العامة واعادة اقتصادنا الى طريق النمو». وتابع «رغم ان ظروف اليوم قد تكون حالكة، إلا ان الآفاق على المدى المتوسط والطويل تبقى ممتازة». وقال «تلقينا ضربة لكنني على ثقة تامة باننا سنتجاوزها». الحسابات التي تفوق مائة الف يورو مجمدة في مصرف لايكي وبنك قبرص وهو اكبر بنوك الجزيرة. والاول ستتم تصفيته على ان تخضع الحسابات الكبرى في المصرف الثاني لاقتطاعات يمكن ان تصل الى نسبة 60 بالمائة وتولى خبير الاقتصاد جورجيادس (40 عاما) الذي كان وزيرا للعمل، منصبه الجديد بعد اعلان وزير المالية السابق ميخاليس ساريس استقالته من اجل التعاون مع لجنة القضاة التي تقوم بالتحقيق حول مصرف لايكي الذي كان ساريس رئيسا لمجلس ادارته خلال قسم كبير من العام الماضي. وكان انهيار المصرف من العوامل الرئيسية التي ساهمت في وصول الجزيرة الى شفير الافلاس واضطرارها الى قبول خطة انقاذ بشروط بالغة الصرامة. وكانت قبرص توصلت في 25 مارس إلى خطة انقاذ دولية مع الجهات الدائنة لقاء اعادة هيكلة جذرية لنظامها المصرفي ومساهمة مالية ستفرض على كبار المودعين في اكبر مصرفين في الجزيرة. والحسابات التي تفوق مائة الف يورو مجمدة في مصرف لايكي وبنك قبرص وهو اكبر بنوك الجزيرة. والاول ستتم تصفيته على ان تخضع الحسابات الكبرى في المصرف الثاني لاقتطاعات يمكن ان تصل الى نسبة 60 بالمائة. وتشهد قبرص اساسا انكماشا مع نسبة بطالة تبلغ 15 بالمائة ويتوقع ان ترتفع هذه السنة والسنة القادمة. وتشير توقعات الى ان معدل انكماش اجمالي الناتج الداخلي سيبلغ 3,5 بالمائة هذه السنة. وبموجب الاتفاق النهائي بين قبرص وترويكا الجهات الدائنة (صندوق النقد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي) والذي يجب ان يصادق عليه وزراء مالية منطقة اليورو وبرلماناتها، فان الجزيرة ستنال القرض مع فائدة تتراوح بين 2,5 و 2,7 بالمائة ويمتد على 12 سنة بعد فترة سماح من عشر سنوات. واعلنت المفوضية الاوروبية ان قبرص ستتسلم الدفعة الاولى من القرض الشهر المقبل بعد المصادقة رسميا على خطة الانقاذ. واستأنفت المصارف القبرصية اعمالها الخميس الماضي وسط قيود مشددة على رؤوس الاموال، وذلك بعد اغلاق استمر اسبوعين. وعمد البنك المركزي الى تخفيف هذه القيود تدريجيا حيث رفع سقف التعاملات التجارية من خمسة الاف يورو الى 25 الف يورو. وسمح ايضا للسكان باصدار شيكات حتى قيمة تسعة آلاف يورو. وفي ردود الفعل، اعتبر الرئيس التركي عبد الله غول الاربعاء ان الازمة في قبرص تشكل فرصة للعمل نحو انهاء النزاع حول الجزيرة المقسومة منذ 1974 حين اجتاحت القوات التركية شطرها الشمالي ردا على انقلاب قام به قوميون قبارصة يونانيون. وقال «الازمة الاقتصادية يجب ان تكون درسا مهما لنا جميعا لانه في نهاية المطاف لو كانت الجزيرة موحدة لكانت افاقها الاقتصادية اكبر».من جانب آخر، أدى وزير المالية القبرصي الجديد هاريس جورجيادس اليمين الدستورية، غداة تقديم سلفه استقالته بعد ساعات على فتح تحقيق في أسباب الأزمة المالية في الجزيرة. وحذر الرئيس نيكوس اناستاسيادس، الوزير الجديد من “الأيام الصعبة المقبلة”. وقال اناستاسيادس خلال مراسم تأدية جورجيادس اليمين إن الأيام المقبلة ستتطلب “التعاون والاستمرارية والانضباط المالي وكل هذه الإجراءات من شأنها المساهمة في نهوض الاقتصاد بأسرع وقت”. وأضاف “لا شك لدي في انك ستؤدي واجبك على أتم وجه”.