هل الشهرة ومتطلباتها فتنة، هل الرغبة في الثناء والمديح أحد أنواع الإدمان؟ وهو كغيره من الإدمان على المسكرات والمخدرات والأدوية.. أولها متعة وفائدة وزوال للآلام وآخرها دمار ذاتي وغيري؟!! إذا تبصرت فيمن تعرف من بعض المشهورين وأصحاب النفوذ والسلطة في أي شأن من شؤون الدنيا ستصل إلى الإجابة. دعك من رؤساء الدول فحالهم واضح بين ولكن انظر إلى بعض المذيعين والمذيعات والفنانين وعلماء الدين والكتاب والآن مشاهير تويتر، وأحوالهم مع أنفسهم ومع غيرهم ممن التفوا حولهم وأصبحوا من مريديهم ومتابعيهم حتى وصل الأمر إلى أن يقول أحدهم للآخر (لو أن الشيخ أمرني أن أقتلك لفعلت!!). إن للشهرة أثرا يصنع غشاوة تعمي البصيرة عند بعض من فتنوا في ذاتهم حتى تورموا وما عادوا يرون ما حولهم ولا يسمعون!! اعتمادا على مكانتهم التي خدعوا بها أنفسهم قبل أن يخدعهم بها محبوهم حتى صار الإدمان واضحا فهم ينادون ويطلبون الجرعة بطريقة أو بأخرى (هل من مزيد؟ هل من مادح؟ هل من مدافع ؟ ثم يبدأ الترفع فهو لا يرد إلا على من يختار !ولا يرد على مادح ويترك القدح لمريدية ليتولوا هم الرد عليه نيابة عنه ورغم محاولاتهم للمبالغة إن للشهرة أثرا يصنع غشاوة تعمي البصيرة عند بعض من فتنوا في ذاتهم حتى تورموا وما عادوا يرون ما حولهم ولا يسمعون!! اعتمادا على مكانتهم التي خدعوا بها أنفسهم قبل أن يخدعهم بها محبوهم حتى صار الإدمان واضحا فهم ينادون ويطلبون الجرعة بطريقة أو بأخرى في إظهار صور التواضع والبساطة إلا أنها تمر كلمح البصر وسرعان ما يعودون إلى عليائهم وهذا أمر لا يفوت على أصحاب النظرة الفاحصة من ذوي البصائر لا البصر وحده. يحكى عن أبي حامد الغزالي أنه وصل يوما إلى هذه المرحلة فخاف على نفسه من العجب والإعجاب ففر بجلده وعاش سنوات طويلة متخفيا ليكسر ذلك في نفسه وفي إحدى المرات كان متنكراً ويعمل كعامل نظافة في المسجد وسمع كبار العلماء يتناقشون في مسألة دينية واحتدم النقاش ولم ينته إلا عندما قال أحدهم إن أبا حامد الغزالي قال كذا وكذا فهلل الجمع لرأيه وقبلوا به وبجلوا ما يراه في تلك المسألة. فذهل الغزالي مما رأى وسمع فزاد خوفه وفر من المدينة وعندما عاد إلى مدينته بعد طول ترحال اعتزل التدريس والناس حتى مات .. ونحن اليوم نرى كثيراً منا يمارسون الأخطاء نفسها ويعانون من الإدمان نفسه بقوة وإصرار حتى وضعوا أنفسهم في مواقف محرجة ومسيئة لهم ولمن يتأثر بهم ويأخذ بآرائهم ولم نجد أحدهم يوماً يرد على أحد يمتدحه ويبالغ فيرفض أو يصحح ولا حتى بالشكر كأن ذلك أمر متفق عليه!! إن من يرى تهافت الناس عليه كما نرى اليوم عند بعضهم عليه أن يخاف هذا الأمر ويحرص على اظهار نقصه أمامهم كبشر بل ويغلظ في القول عليهم لو كان واعياً لحاله وحالهم ولكن المشكلة تكمن في أن أكثرهم سعداء بهذا الحال ويستغلونه لصالحهم بشكل أو بآخر ولا شأن لهم بالضعفاء المتأثرين!! Twitter: @amalaltoaimi