يقول الكوميدي الساخر «جورج كارلين» واصفا الشعب «الاستهلاكي» الأمريكي : «نحن شعب نشتري ما لا نحتاج بما لا نملك» ، قالها قبل سنوات وبالفعل تجاوزت ديون الشعب الأمريكي حاجز الأحد عشر تريليون دولار بنهاية العام الماضي، مقولة كارلين رائعة وقد تصف حال بعضنا «حاليا»، فالكثير منا يصرف على الكماليات والمظاهر عبر الاستدانة من البنوك أو من بعض الأفراد، ولعل أكبر دليل على أننا شعب استهلاكي هو تسارع نمو الاقتراض المحلي الاستهلاكي من قبل الأفراد، حيث وصل حجم القروض الاستهلاكية إلى ثلاثة أضعاف الدين الحكومي بتسجيلها 300 مليار ريال هذا العام، لعل أكبر دليل على أننا شعب استهلاكي هو تسارع نمو الاقتراض المحلي الاستهلاكي من قبل الأفراد، حيث وصل حجم القروض الاستهلاكية إلى ثلاثة أضعاف الدين الحكومي بتسجيلها 300 مليار ريال هذا العام ومن أسباب هذا النمو الهائل في حجم القروض : انخفاض الفائدة لمستويات مغرية جدا وانخفاض القوة الشرائية للريال وزيادة عدد الموظفين في القطاعين الخاص والحكومي وزيادة معدلات الرواتب مع رفع الحد الأدنى الحكومي للرواتب. كما أن زيادة الثقافة لدى المواطنين في منتجات التمويل ساهمت في زيادة قبول منتجات كانوا يرفضونها في وقت سابق مثل بطاقات الائتمان التي تسوق لها البنوك بقوة، لأنها ذات عائد قد يفوق عائد القروض الشخصية بعشرة اضعاف، حيث إن عائدها قد يصل إلى 24بالمائة سنويا. كما أن البنوك تستفيد من جميع من تتعامل معهم فهي تستثمر الودائع الجارية والادخارية عبر القروض فهي تشاطر البائع نسبة من المبيعات التي تتم عبر بطاقات الائتمان ما يقلص هامش الربح للتاجر ويؤدي غالبا لرفع الأسعار بنسبة قد تصل إلى 3بالمائة. يقول أستاذ الاقتصاد فيكتور ليبو عن الاستهلاكية : « نحتاج مع زيادة الانتاجية إلى أن نزيد الاستهلاك بحيث يتحول شراء الأشياء إلى عادة وطريقة لإرضاء الذات والاحساس بالرضا الروحي» ، ومقولة ليبو لا تصفنا بدقة، لأننا شعب - للأسف - غير منتجين، لكننا في نفس الوقت نستهلك على النقيض تماما من الشعب الصيني مثلا، وقد يكون ارتفاع معدل الاستهلاك الشعبي للكماليات ليس بسبب زيادة الاسعار وزيادة المعروض من المنتجات العالمية ذات الشعبية الواسعة فقط ، لكن لقلة قنوات الاستثمار ولارتفاع أسعار العقار «الملاذ القديم لمواجهة التضخم» ما ساهم في زيادة معدلات الاستهلاك وبذلك زادت معدلات الاقتراض. كما أن ثقافة الادخار والاستثمار لدينا ضعيفة جدا وتكاد تكون معدومة، فالكثير من الشباب لا يدخر شيئا وحتى لو كان يسكن مع والديه ولا يتحمل أي التزامات مالية، فيضطر للاقتراض عندما يرغب في الزواج أو شراء سيارة أو حتى للسفر والسياحة. ختاما : زيادة الاقتراض ليست بسبب ضعف الرواتب أو زيادة الأسعار فقط لكنها «غالبا» تكون نتيجة لزيادة الاستهلاك، لذلك تجد بعض أصحاب الدخول العالية يضطرون للاستدانة أحيانا لأغراض استهلاكية. Twitter: @AB_SD