بعد ما أثارته تعليقات الناقد محمد العباس على ظواهر « شكلية « لحضور المثقفين الذين تمت استضافتهم في معرض الكتاب من مواقف كثيرة مؤيدة لرأيه وأخرى مخالفة، ها هي «اليوم» تفتح نافذة أخرى يلقي فيها مثقفون مستضافون في المعرض الضوء على تجربتهم مع الاستضافة وجدواها، وآخرون لم يستضافوا يناقشون جدوى الاستضافة ومعاييرها أيضاً. وفي الحالتين، نحاول أن نستشف كيف تؤثر الاستضافة على آرائهم وانطباعاتهم عن المعرض سلباً وإيجاباً ... • قيمة المثقف أستاذ اللغويات الحديثة الدكتور عبد الله فارس الحقباني شكر وزارة الثقافة والإعلام على استضافته مع كل المثقفين والمثقفات في السعودية وخارجها «حيث وفرت السكن المناسب في أفخم الفنادق ووفرت وسائل الاتصال والمواصلات وكل مايحتاجه المثقف. ولاشك أن لهذه الاستضافة المردود الطيب والأثر النفسي الإيجابي الذي يجعل المثقف يشعر بقيمته الحقيقية وأن هذا البلد المعطاء يقدر ويهتم بأبنائه». وحول مالفت انتباهه في المعرض يقول: لفت نظري هذه السنة عن السنوات الماضية الإقبال الكثيف من جميع طبقات المجتمع وفئاته على الكتاب، مما يدل على ان الشعب السعودي شعب مثقف يحب الاطلاع والعلم والمعرفة، وعلى أن الكتاب وبالرغم من مزاحمة كل وسائل الاتصال والتقنية إلا أنه يظل الصديق الوفي والمحبب عند الإنسان. كما أبدى الحقباني إعجابه بالتنظيم « المميز خارج المعرض وداخله «فبالرغم من كثرة رواد المعرض إلا أن الأمور منظمة جداً، كما أعجبني تنظيم دور النشر وتوزيعها داخل المعرض، وبفضل هذا التنظيم تم استيعاب أكثر من (600) دار نشر من كل أنحاء العالم، وأكثر من (200) ألف عنوان لكتاب». وعن الاهتمام الاعلامي قال الحقباني: الاهتمام الإعلامي من قبل القنوات الفضائية بالمعرض وزواره كان ملفتاً، وبخاصة من قبل التلفزيون السعودي الذي استضافنا اكثر من مرة. والذي كان يأخذ انطباع الزوار على الهواء مباشرة بدون رقيب أو حذف أو إضافة. • ملتقى المثقفين الأستاذ المساعد للأدب والنقد بجامعة الملك فيصل الشاعر يونس البدر الذي كان من ضمن المستضافين أكّد على أهمية الاستضافة التي تصب في تواصل المثقفين ببعضهم قائلاً: إنّ أهمّ فعالية ثقافية وأبرز مهرجان وطني -في نظري- هو معرض الرياض الدولي للكتاب، فهو ملتقى الشعراء والمفكرين والمثقفين من أبناء الوطن، وهو بصدق ملتقى الكتاب الحقيقي بقارئه، كما أن الحضور الكثيف لدرجة الازدحام في المعرض يدل على اتساع وعي المواطن السعودي وحرصه على اقتناء المعرفة والفكر. ويضيف: زرت المعرض لمدة خمسة أيام متوالية استضافتني فيها وزارة الثقافة والإعلام بعد ترشيح من نادي الأحساء الأدبي، وقد لاحظت هذه السنة جودة عالية في تنظيم المعرض تعكس خبرة السنوات السابقة، فرأيت اهتمام المنظمين بتوفير ما يخدم الزائر من مطبوعات إرشادية، وأجهزة بحث الكتروني، وعربات تسوق، ناهيك عن توزيع كميات كبيرة من الكتب القيمة على نفقة الوزارة، وتقديم برنامج ثقافي متكامل يحتوي على محاضرات وندوات وأمسيات في مختلف التخصصات والمعارف والاهتمامات الوطنية، بحضور أسماء لامعة من الأساتذة والمفكرين، في ظل تواصل اجتماعي حي يحضره الرجل والمرأة جنباً إلى جنب بكامل الحشمة والالتزام، مع عناية كبيرة بالطفل عبر تخصيص جناح ثقافي ثري. ويؤكد البدر أن مما لفت انتباهه اهتمام زوار المعرض بالكتب المتخصصة في المجالات العلمية والأدبية « فلم يصل المعرض لآخر أيامه وإلا وقد نفدت الكثير من هذه الكتب، ولكن لم أرغب أن يكون ذلك مسوغاً للناشرين كي يبالغوا في الأسعار كما شاهدنا، كما لا يبرر اعتناء بعض دور النشر ومرتاديها بعناوين مثيرة وجذابة لكنها خاوية المضمون. وقد تمنيت من المعرض أربعة أشياء أرجو أن تتحقق في السنوات المقبلة: 1- زيادة عدد الناشرين المشاركين فقد غابت بعض دور النشر التي كنا نرغب بوجودها. 2- أن يحتوي المعرض على مساحة مخصصة للجلوس كي يستريح الزائر بعد عناء التجول بين أرجاء المعرض بدلاً من الازدحام في المساحة الصغيرة للكافيه شوب. 3- استكمال قوائم الكتب في محركات البحث الالكترونية وتسهيل عملية البحث. 4- تحديد الأسعار بشكل نهائي ومراقبة تلاعب البائعين». وختم البدر قائلاً: هذه الأمنيات السهلة كانت مطروحة في المقهى الثقافي المخصص لضيوف المعرض الذين استضافتهم الوزارة، بحضور نائب الوزير، ووكيل الوزارة، ومدير المعرض، الذين اهتموا باستماع المقترحات والملاحظات ومناقشتها مع المثقفين والمهتمين. • معيار الاستضافة الكاتب والباحث عبد الله الرستم الذي لم تستضفه الوزارة لكنه حضر المعرض في معظم أيامه قال: إنّ الاستضافات أمر في غاية الروعة، حيث يُعطى المثقف قيمته ومكانته اللائقة به في حضور فعاليات معرض الكتاب، إلا أن أمراً قد لفت انتباهي، وهو: أي نوع من المثقفين الذين تستدعيهم الوزارة؟! هل هم الشعراء؟ أم كُتّاب الصحف؟ أم الأدباء؟ أم ماذا؟! حيث نلاحظ غياب مجموعة كبيرة من المثقفين على مستوى الوطن دعوة ومشاركة!! فهل ترجع عدم استضافتهم إلى أنهم غير محسوبين على أحد النوادي الأدبية؟! أم أنهم ليسوا على وفاق مع الصحافة لعدم وجود لغة مشتركة بينهم؟! فلا أظن أن المنتمين إلى الأندية الأدبية يشكّلون نخبة المثقفين حتى تتم استضافتهم!! ولا أظن الكتاب الصحفيين بحاجة إلى تبجيل فوق الحضور اليومي على واجهات الصحف!! ويضيف: هناك مثقفون ومفكرون غير منتمين إلى النوادي الأدبية، ولكنهم مواطنون خدموا الفكر والثقافة بدون تسجيل انتماء إلى جهة معينة، فهل يستحقون الإقصاء بحكم عدم انتمائهم، أو الاستفادة منهم في مثل هذه الفعاليات من تقديم دعوة للمشاركة ونحو ذلك؟!! ثم إن بعض المدعوين، لا همّ لهم إلا الاسترخاء في فندق الضيافة والجلوس في البهو لشرب الشاي وتجاذب الأحاديث الجانبية، في حين أن المطلوب منهم تواجدهم في فعاليات المعرض بشكل جزئي يومياً؛ وذلك ليتم التعرف عليهم من خلال مدى وجود العطاء الثقافي لديهم. وعن تقييمه للمعرض يقول: كل عام يمر علينا معرض الكتاب ونرجو منه الكثير، إلا أن بعض الآمال قد خابت هذا العام، ولا أعلم عن ماهية الأسباب، فقد كنا نرجو أن يرتفع سقف الحرية أكثر من السابق، إلا أن ذلك لم يتحقق إلا بشكل ضئيل جداً، فما زلنا نسمع من بعض الدور أن هناك عناوين ممنوعة، وغياب الكثير من العناوين الفكرية والثقافية يعد حالة غير مرضية في معرض دولي كمعرض الكتاب. وأضاف: في الوقت ذاته لا يعني أنه لا يوجد إيجابيات!! بالعكس فجهود الوزارة ومسئوليها جهد كبير، يستحق الاحترام من تواجدهم بين الفينة والأخرى في صالة المعرض وتقبلهم أنواع الملاحظات، ووجود بعض دور النشر الجديدة، كل ذلك يسهم في التعرف على عناوين جديدة ومتنوعة في فنون المعرفة. وما زلت كمتابع لمعرض الكتاب منذ سنوات أرجو أن يرتفع سقف الحرية بشكل تدريجي، فثمة موجة فكرية قادمة ستكتسحنا ما لم نتعرف عليها في الوقت الحاضر من خلال الإصدارات التي لا نقتنيها إلا في معرض الكتاب. • حضور كامل عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي القاص عبد الجليل الحافظ لم يكن مستضافا وقد زار المعرض ليومين فرأى « أن المثقف الذي يحصل على دعوة من الوزارة فإن ذلك يعني أنه حصل على كل ميزات معرض الكتاب مجانا ما عدا شراء الكتب، وكذلك قدرته على حضور جميع المناشط المصاحبة للمعرض، في حين أن من يحضر المعرض على حسابه الشخصي لن يتمكن من حضور كل شيء ولن يستطيع البقاء طويلا لأسباب عديدة». وعن تقييمه للمعرض قال: المعرض هذا العام وإن كان جيدا في تنظيمه إلا أن دور النشر أخذت تكرر نفسها، وبعض الدور صار يهمها فقط « أن يكون الاسم سعوديا والعنوان يحمل نوعا من الإثارة». وأشار الحافظ إلى أن غياب كثير من الدور العربية أثر في جودة المعروض، وأدى لارتفاع أسعار الكتب في أغلب الدور، ما خفّض الإقبال عن مستواه في المعارض السابقة. • أكثر دقة الشاعر يحيى العبد اللطيف قال: إن بعض من تمت استضافتهم سيكونون أكثر قدرة على تقييم المعرض منه بسبب بقائهم لفترة كافية لإصدار حكم أكثر دقة. إلا أنه أكد أنه من خلال زيارته في يوم واحد لم يجد في المعرض ما يجعله مختلفاً عن معارض عربية مماثلة أو أفضل منها «لكنه جيد بشكل عام». وقال: إن من الملفت أن الرقابة الدينية في هذا العام كانت ألطف وأخفّ. وأضاف: ترتيب دور النشر كان جيداً إلا أن تنظيم جناح الأندية الأدبية بدا مرتبكاً وغير منظّم، إذ من المفترض أن يكون لكل نادٍ قسمه الخاص به. وختم العبد اللطيف معرباً عن تمنيه بأن يتم تدوير المعرض بين المدن الرئيسية الثلاث على حدّ تعبيره: الرياضوجدةوالدمام، وأبدى إعجابه بالفعاليات المصاحبة للمعرض.