تدخل الأزمة السورية عامها الثالث وسط ظروف داخلية وإقليمية مضطربة ومواقف دولية متناقضة، فالأراضي السورية تحولت الآن إلى نسيج متمزق ، حيث لا يزال يحافظ النظام على سيطرة جزئية أرضية في معظم المدن الكبرى وسيطرة جوية، إلا ان قواته تخسر السيطرة على الأرض وتعاني نقصا في النقل والإمداد والرجال الى درجة دفعت إصدار الشيخ أحمد بدر الدين حسون، المفتي السوري الموالي لنظام الأسد، فتوى تحث السوريين على الانخراط في صفوف القوات النظامية، وعلى الجانب الآخر تنشر جماعات المعارضة المسلحة نفوذها عبر رقعة متزايدة في مناطق الشمال والشمال الشرقي للبلاد وجزء صغير من الجنوب والغرب، بعد ان تراجعت قوات بشار الأسد عن نهجها الأولي القائم على محاربة الثوار أينما وجدوا ولجأت بدلاً من ذلك إلى التركيز على حماية معاقلها، وللتأكيد على ان الأزمة السورية أصبحت اقليمية ما حدث على الحدود السورية العراقية وتحذير دمشق لبنان رسميا وعلنيا من أنها قد تضرب مقاتلي المعارضة المختبئين في لبنان إذا لم يتحرك الجيش اللبناني لان صبرها له حدود، ورد أحد كلابر يطرح السؤال: إلى متى سيستمر الأسد؟ ويجيب ردنا المعتاد هو : أيامه معدودة، لكننا لا نعرف عددها، في تقديرنا هو ملتزم للغاية بالبقاء هناك والاحتفاظ بسيطرته على النظام. «ختاما الأسد سيسقط ، لكن ليس قريبا، بل بعد خراب سوريا وقتل عشرات الآلاف، ووقتها لن يتذكر العالم سوريا لعقد من الزمن النواب اللبنانيين بالقول : « إن رئيس النظام السوري بشار الأسد انتقل لتنفيذ الخطة «ب» التي تقضي بنقل الحريق إلى لبنان بعد فشل خطته «أ» في القضاء على الثورة داخل سوريا، فيما قال أنطونيو جوتيريس مفوض الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين : «إن الصراع الدائر في سوريا يهدد وجود لبنان «. من أهم المواقف الدولية المحيرة الموقف السلبي الامريكي الذي لخصه الباحث ليون ويسلتير عبر مقال نشره في مجلة نيو ريبابليك بقوله : «الرئيس أوباما ارتضى بأن يكون مكتوف الأيدي، بينما يزين مراوغته بتصريحات أخلاقية، ومحاولته تبرير سلبية الموقف الامريكي بسبب تعقيدات الأزمة السورية، وثقته المتأصلة في حكمة المسار الذي ينتهجه مما سيضع وصمة عار على جبين الولاياتالمتحدة، لان العالم يشاهد ضحايا بطش النظام السوري واستخدام ادوات القتل والتعذيب والاغتصاب كأسلحة علنية ضد المدنيين، ويواصل ويسلتير «واذا كانت واشنطن تخشى من أن يحل محل الأسد نظاماً تابعاً لتنظيم القاعدة, فان رفضها غير المبرر لتسليح الثوار السوريين المناهضين للقاعدة سوف يؤدي إلى تحقيق هذه المخاوف، ويتساءل ويسلتر : « ألا يحظى التدخل في سوريا بأهمية إستراتيجية تتجاوز أهمية التدخل في البوسنة والهرسك، حيث يعد الرئيس السوري بشار الأسد عميلاً لإيران وداعماً لجماعة حزب الله اللبنانية, ومن ثم فإن تدميره ينبغي أن يكون على رأس تطلعات الولاياتالمتحدة، ويختم بقوله : «اذا كان الرئيس أوباما يزعم أنه يخشى ردة فعل روسيا على التحرك الأمريكي, فعليه ان يعلم بأن جهود الإعاقة التي يبذلها الرئيس بوتين تتساوى تماماً مع ميل أوباما للسلبية». مدير الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر قال الثلاثاء الماضي في جلسة للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي : إن أجهزتة لا تعرف إلى متى سيستطيع الرئيس السوري بشار الأسد الاحتفاظ بسيطرته على الحكم في البلاد « إن قوات المعارضة السورية التي تسعى إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد «تكتسب قوة وتربح أرضا»، لكنها «مازالت مجزأة وتجد صعوبة في احتواء تدفق المقاتلين الأجانب»، وكلابر يطرح السؤال: إلى متى سيستمر الأسد؟ ويجيب ردنا المعتاد هو: أيامه معدودة، لكننا لا نعرف عددها، في تقديرنا هو ملتزم للغاية بالبقاء هناك والاحتفاظ بسيطرته على النظام». ختاما ، الأسد سيسقط ، لكن ليس قريبا ، بل بعد خراب سوريا وقتل عشرات الآلاف ووقتها لن يتذكر العالم سوريا لعقد من الزمن، والله وحده يعلم ما ستؤول اليه الأمور. abdulahalshamri@