شبح البطالة يطل برأسه القبيح، ويزداد هذا الشبح بشاعة واقترابا مع مرور الأيام، وبعد القرار الأخير بمنح بدل عطالة للباحثين عن العمل سينكشف الحجم الحقيقي لهذه الأزمة، حيث إنها المرة الأولى التي يجد فيها العاطلون عن العمل حافزا ماديا للتسجيل في مكتب العمل والإعلان عن كونهم باحثين عن العمل عاجزين عن إيجاد وظيفة، فغالبية العاطلين كانوا لا يكترثون بالتسجيل لأنهم يعتقدون أنه مضيعة للوقت والجهد، فجل الوظائف التي يعرضها مكتب العمل هي وظائف لا تتناسب مع طموحات غالبية الشباب لا من الناحية المادية ولا من الناحية الاجتماعية، فرواتبها متدنية، وساعاتها طويلة، ولا مستقبل مهني لها. قبل أن نبدأ تحليل الوضع الحالي لسوق العمل وحجم البطالة، سنلقي الضوء على تعريف البطالة، وأسبابها بشكل نظري عام، بالإضافة إلى الطريقة الاقتصادية لاحتسابها. تعريف البطالة ببساطة: هو عدم قدرة الشخص على إيجاد وظيفة (تناسبه)، حيث إن العاطلين عن العمل ليس بالضرورة غير قادرين على إيجاد أي وظيفة على الإطلاق، وإنما هم عاجزون عن إيجاد وظيفة تناسب الوضع الاجتماعي القائم في البلد وتناسب المؤهلات التي يحملها الشخص. فعندما نسمع أن هناك عشرات الألوف من الجامعيين العاطلين، فهذا لا يعني أنهم غير قادرين على إيجاد عمل بمرتب 1200 ريال على سبيل المثال، وإنما هم غير قادرين على إيجاد عمل بدخل يتناسب مع مؤهلاتهم مقارنة بأقرانهم ممن يشاركونهم العمر والمؤهل والمدينة ويعملون في وظائف، وهذا الوضع ينطبق على كل دول العالم وهو لا يختص بدولة أو أخرى. العاطلون عن العمل ليس بالضرورة غير قادرين على إيجاد أي وظيفة على الإطلاقأما طريقة احتساب نسبة البطالة فهي إجمالي عدد الباحثين عن العمل تقسيم إجمالي القوى العمالة. أما إجمالي القوى العمالة فهو إجمالي عدد الذين يعملون أو يبحثون عن عمل. هناك خلل كبير في هيكل سوق العمل بالسعودية، وهذا الخلل ناتج عن إدمان الاقتصاد المحلي على العمالة الرخيصة خلال العقود الماضية، ويتضح حجم هذا الخلل من خلال حجم القوى العاملة بالمقارنة بإجمالي عدد السكان في الشريحة العمرية لسن العمل، حيث إن إجمالي عدد من تتراوح أعمارهم بين 24 سنة و 64 سنة من المواطنين (ذكورا وإناثا) هو 8 ملايين نسمة تقريبا. أما من يعملون منهم في وظائف فعددهم لا يتجاوز 2.4 مليون (1.6 مليون في القطاع العام و 800 ألف في القطاع الخاص): أي أن نسبة من يعملون لا تزيد على 30بالمائة أي أن ما يزيد على 5.6 مليون مواطن لا يعملون حاليا مقارنة ب «74» بالمائة في أمريكا و 67بالمائة في فرنسا. بالطبع، هذا لا يعني أن نسبة البطالة في السعودية 70 بالمائة، لكن الأكيد، أن نسبة كبيرة ممن لا يعملون حاليا هم في الحقيقة يرغبون في العمل لكنهم يائسون من إيجاد وظيفة تناسبهم، وسنتمكن من معرفة نسبة هؤلاء بشكل دقيق بعد أن فتح الباب لتسجيلهم للحصول على بدل العطالة.