استكمالا لما تم التطرق إليه في المقالين السابقين، حيث أوضحنا أن إفراط شركات القطاع المصرفي في استخدام المخصصات المالية لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها هو في الواقع يمثل إحدى الصور المعتادة لإدارة الأرباح وذالك لسببين: الأول وجود رقابة إشرافية نقدية ومالية مشددة مفترضة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودية على قطاع المصارف والبنوك. حيث إن مؤسسة النقد تفرض شروطا إلزامية على تلك البنوك والمصارف بضرورة الحصول على الموافقات اللازمة من قبلها على برامج التمويل والإتمان الكبيرة التي تمنحها البنوك لعملائها. أمالسبب الثاني فيتمثل في المبالغة في تجنيب المخصصات الكبيرة لخسائرالديون المحتملة، حيث بلغ إجمالي المخصصات المالية لأحد البنوك مانسبته أكثرمن 20 بالمائة من رأس مال البنك!! وهذا بالطبع يعد مبلغا كبيرا جدا قياسا على رأساميل تلك البنوك والمصارف، والذي بالطبع سوف يعيق ويؤثر على برامج التمويل التي من المفترض أن تتبناها تلك المصارف والبنوك، مما يعني أنه سوف يؤثر بدوره على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة التي تنادي معظم الدول الخليجية بضرورة تبنيها. إجمالي المخصصات المالية لأحد البنوك مانسبته أكثرمن 20 بالمائة من رأس مال البنك بقي أن نشير إلى أن ماقامت به مصارفنا وبنوكنا المحلية هو يتسق تماما مع المعايير المحسابية العالمية وممارسات المصارف والبنوك والشركات المالية العالمية، حيث تلجأ تلك الشركات المالية في كل نهاية عام مالي إلى مراجعة محافظها الائتمانية وأخذ المخصصات المالية اللازمة حيال ذلك. إلا أن التساؤل المنطقي المطروح في هذا السياق هوهل كان هناك مبالغة في تكوين المخصصات المالية بشكل غيرمبرر محاسبيا وإقتصاديا من قبل مصارفنا وبنوكنا المحلية؟ الواقع أن الإجابة على مثل هذا التساؤل ليست بالأمر السهل، وذلك كما وضحنا سابقا، وذلك نتيجة لغياب المعلومة الملائمة المتعلقة بطبيعة تلك الديون المشكوك في تحصيلها من جهة، وكذلك نتيجة لغياب المعلومة حول مدى تأثر البنوك بتداعيات الأزمة المالية العالمية خلال الفترة القليلة القادمة!! حيث قد يرى البعض أن تجنيب تلك المخصصات المالية والاحتياطيات الكبيرة هو أمر في الواقع تحدده المستجدات والأحداث الإقتصادية، وتفرضه الضرورة القصوى على تلك البنوك، وذلك من أجل حفظ حقوق أموال المودعين، حيث تمثل تلك المخصصات والاحتياطيات المالية خط دفاع البنوك والمصارف الاول ضد مخاطر التعثرالمالي والإفلاس إلا أننا بالرغم مع اتفاقنا مع هذا الطرح ، إلا أننا نرى في الوقت ذاته أن تلك المخصصات والاحتياطيات تمثل في الواقع تحميلا على أرباح الربع الرابع وإجمالي نتائج العام المنصرم، وبالتالي فهي تعد تعطيلا لأموال غير مستغلة سوف تنعكس على برامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية التي كان من المفترض لتلك المصارف والبنوك القيام بها!! [email protected]