قررت الحكومة البريطانية خطة للتقشف غير مسبوقة القسوة باقتطاعات تفوق 90 مليار يورو في اعتمادات الموازنة من الآن وحتى 2015 بالإضافة لتجميد رواتب الموظفين وإلغاء أكثر من 300 الف وظيفة عامة. من جهتهم نزل البريطانيون بأعداد كبيرة إلى الشارع للاحتجاج على خطة التقشف القاسية التي فرضتها الحكومة في تظاهرة غير مسبوقة منذ تلك التي جرت ضد الحرب في العراق في بلد غير معتاد على التحركات الاجتماعية الكبرى. جانب من التظاهرات البريطانية علي سياسة التقشف القاسية التي أقرتها الحكومة. ( رويترز) وقال بوك نواك، احد مسئولي التنظيم: «إننا في غاية السعادة هناك مئات الآلاف وربما نصف المليون». وتؤكد النقابات، التي تحلم بجعل هذا النهار منعطفا في حركة التعبئة ضد سياسة التقشف، أنها كسبت الرهان رغم ما شاب هذا الاحتفال من مشاحنات مع الشرطة على هامش المسيرة. وقال زعيم المعارضة العمالية ايد ميليباند محذرا الحكومة: إن «الذين تجمعوا هم المتحدثون باسم بريطانيا الحقيقية»، من جانبه قال وزير التعليم مايكل غوف: «من المؤكد أن الناس يشعرون بالقلق بل وأحيانا بالغضب لكننا ورثنا وضعا اقتصاديا يضطرنا إلى اتخاذ إجراءات صعبة لإعادة التوازن للمالية العامة». وبعيدا عن الاحتجاجات قال صحيفة الإندبندنت: إن المستفيد الأكبر من سياسة التقشف الراهنة هو القطاع السكني والمؤسسات الصغيرة، في الوقت الذي يركز فيه وزير المالية البريطاني جورج أوسبورن على التدابير التي تقتضي إنفاق القليل من الأموال، وبالرغم من التزام أوسبورن بنمو الصناعات، لكنه عازم أيضاً على عدم التخلي عن أهدافه الرامية إلى خفض العجز في بريطانيا. وأعلن الوزير عن عدم نيته التراجع عن ميزانية الطوارئ التي أعلنها في يونيو الماضي، مع توقع أن يُعلن أن الاقتراض بغرض تمويل العجز بين إنفاق القطاع العام والعائدات، سيكون أقل من 149 مليار جنيه إسترليني التي توقعها في ذلك الوقت. ووصف أوسبورن أول ميزانية له بأنها مثابة مهمة الإنقاذ التي تخرج بريطانيا من حافة الهاوية، كما أشار إلى أن التدابير التي سيتم اتخاذها ستشكل المرحلة الأولى من خطة النمو المزمع قيامها على أصعدة مختلفة. وسعت وزارة المالية البريطانية إلى سلك أقل الطرق تكلفة في سبيل دفع عجلة النمو بما في ذلك التحسينات التي أُدخلت على إجراءات تراخيص التخطيط، وسهولة الحصول على الضمانات الائتمانية لشركات التصدير. كما اعتمدت وزارة الخزانة القيام ببعض التعديلات في أنظمة المشروع الاستثماري ورأس المال المغامر، ا انخفضت أسعار العقارات البريطانية بنحو 20بالمائة منذ ذروة 2007، وهو أقل مما توقعه العديد من الاقتصاديين، لكنها انخفضت مرة أخرى بعد أن شهدت بعض الارتفاع في السنة الماضية. ويتفق المسئولون في أن أسعار الفائدة سترتفع مرة أخرى مع زيادة معدل البطالة مما يعني أن المزيد من الانخفاض في قيم العقارات ربما يولد المزيد من المشاكل للمالكين والمقترضين لتي تساعد في ضريبة دخل الأفراد الذين يستثمرون في الشركات ذات النمو المحتمل. وعلى الجانب السكني، تدرك الوزارة أنه من الممكن أن تساعد عمليات الضبط المتوازنة في حل مشكلة السكن في البلاد، دون أي تكاليف على الخزانة وذلك من خلال زيادة المعروض من العقارات. كما تدرك الخزانة أن انخفاض أسعار الفائدة ساعدت سوق العقارات في تفادي الانهيار. وعلى جانب آخر انخفضت أسعار العقارات البريطانية بنحو 20بالمائة منذ ذروة 2007، وهو أقل مما توقعه العديد من الاقتصاديين، لكنها انخفضت مرة أخرى بعد أن شهدت بعض الارتفاع في السنة الماضية. وأشارت بيانات حكومية إلى أن متوسط أسعار المنازل لا تزال مرتفعة بنسبة 5ر0 بالمائة مقارنة بشهر يناير من العام الماضي. وشهد يناير تراجع معدل التضخم السنوي في أسعار المنازل للشهر الثامن على التوالي بينما كان آخر ارتفاع سجل في ديسمبر الماضي بنسبة 8ر3 بالمائة. وتمثل مقارنات الأسعار وفقا للبيانات الفصلية مؤشرا على اتجاهات السوق وتظهر تسارع معدل تراجع الأسعار. وانخفضت أسعار العقارات بنسبة 4ر0 بالمائة خلال الأشهر الثلاثة التي تنتهي في 31 يناير مقابل تراجع بلغ 2ر0 بالمائة في الربع السابق الذي ينتهي في 31 أكتوبر. وقال خبراء: إن أسعار المنازل تتعرض لضغوط لاسيما وأن المشترين المحتملين يواجهون برنامجا حكوميا لخفض الإنفاق بجانب حالة من الغموض تكتنف الوضع الاقتصادي. وقال الخبراء: إن سوق العقارات ستتعرض لضغط خلال الأشهر المقبلة نتيجة معدلات البطالة العالية التي يرجح أيضا أن تشهد ارتفاعا بجانب تراجع الدخل الحقيقي وزيادة الضغوط المالية وانخفاض ثقة المستهلكين بالإضافة إلى الصعوبات المستمرة في الحصول على قرض عقاري وخاصة بالنسبة للمشترين لأول مرة. وأضافوا: «نتوقع أن تنخفض أسعار المساكن بنحو 5 بالمائة في عام 2011 وأن تفقد نهاية المطاف حوالي 10 بالمائة من مستويات الذروة التي سجلت في النصف الأول من عام 2010.» ويتفق المسئولون في أن أسعار الفائدة سترتفع مرة أخرى مع زيادة معدل البطالة مما يعني أن المزيد من الانخفاض في قيم العقارات ربما يولد المزيد من المشاكل للمالكين والمقترضين بالإضافة إلى تقويض ثقة المستهلك. لذا، فإن الوزارة متحمسة لمد يد المساعدة للذين يشترون لأول مرة. كما تخطط لزيادة ضريبة الدمغة من 4 بالمائة إلى 5 بالمائة على عمليات الشراء التي تتجاوز مليون جنيه إسترليني لاستغلال هذه الأموال لمساعدة الذين يشترون بأسعار أقل. أما في حقل البناء والتشييد، يرحب القطاع بالمقترحات التخطيطية التي تهدف لخفض التكاليف. ويقول ستيوارت باسلي رئيس اتحاد عمال بناء المنازل: يمكن لهذا القطاع أن يسهم مساهمة فعالة في خلق الوظائف والاستثمارات، ويطمح القطاع في زيادة معدل الإقراض للمشترين لأول مرة، وفي توفير الأراضي الحكومية والحد من النظم الصارمة”. وعلى الصعيد المصرفي، سواء كشف الوزير عن توقعاته لحجم العائدات من بيع الأسهم في المصارف المؤممة أم لا، سيبقى ذلك واحداً من الهواجس التي تؤرقه.