اعرف - كما تعرفون - ان كل الجرعات الاليمة التي يتناولها الانسان في حياته.. تبقي اثرا في وجدانه وعقله.. ولكنها لا تلبث طويلا حبيسة في داخله انها تتفاعل وتتضخم وتكبر.. وتكبر ويستحيل اعتقالها انها اكبر من كل معتقلات الدنيا.. فهي المعتقل الوحيد المرغوب فيه .. هكذا هو حال الفكرة المعتقلة في ذهن صاحبها .. التي لابد وان يفرج عنها.. ان الاسر لا يمكن ان يكون لأفكار الانسان وانما الاسر حتما يكون لمصادرة هذه الافكار وعدم نشرها ولكن من يحاصر الكلمات.. هل يمكنه ان يحاصر العقل بالطبع لا.. فالعقل هو المضخة التي لا تتوقف اطلاقا الا بالموت.. وحتى الموت ليس حلا ايضا فأفكار المبدعين تبقى تراثا خالدا حتى بعد الموت.. لن اقول لأحد اذهبوا ايها الاحبة واحضنوا هذا التراب.. الذي يخفي عظام اجدادكم المبدعين .. ولكن ابنوا امجادكم بسواعدكم على ثرى هذا البلد الذي ما انكر احدا .. ولم ينكره ان شاء الله احد ... وهناك الكثير ممن رحلوا عن دنيانا وبقيت اعمالهم وافكارهم الخالدة بيننا.. في العلم.. والادب.. والشعر.. وافكار المبدعين الراحلين .. ليست ارثا لأحد من ذوي القربى.. انها ارث للبشرية بأسرها.. والصراع غالبا بين الورثة على الاشياء المادية المكتسبة الميتة لا على الافكار الحية التي يتوارثها الناس جميعا جيلا بعد جيل .. فمن هو الوارث اليوم بيننا نحن العرب لأفكار ابن رشد او ابن سينا .. والمتنبي .. او حتى من سبقهم في العلوم من الامم الاخرى كسقراط .. وافلاطون وارسطو ... حقا لكل عصر عباقرته ومبدعيه .. ونوابغه .. ولكن كل افكار هؤلاء .. لم تورث الا لمن يعمل عقله في الاتجاه الصحيح اعني انها لم تورث لابنائهم.. ولكنها ورثت لكل من يحمل عقلا نيرا يجتهد في استكمال ما بدأه غيره .. وعندما اقرأ اليوم عن العديد من النوابغ العرب في الطب والعلوم والذرة والهندسة واختراعات العديد من شبابنا السعودي وفي العديد من المجالات ادرك تماما ان حياتنا لم تعقم.. وان من سبقونا في هذا الزمن بعلومهم كنا قد سبقناهم بالامس في عصور نهضتنا الاسلامية وغزت بعلمها وابداعها معظم انحاء الدنيا .. وليس غريبا على شباب امتنا ان يستعيدوا امجاد امتهم من جديد بالعلم والمثابرة والبحث والابداع .. ولن اقول لأحد اذهبوا ايها الاحبة واحضنوا هذا التراب.. الذي يخفي عظام اجدادكم المبدعين .. ولكن ابنوا امجادكم بسواعدكم على ثرى هذا البلد الذي ما انكر احدا .. ولم ينكره ان شاء الله احد ...