واحدة من أشهر مسرحيات الدنيا: «في انتظار جودو»، لصمويل بيكيت، حيث الجميع ينتظر «جودو» هذا، ليغير الحياة، إلى الأفضل، لكن «جودو» لا يأتي أبدا، ورغم أن الأيام أثبتت أن المواهب الفنية، لا تورّث، فإن كثيرين منا، ينتظرون من أبناء النوابغ الإبداعية، شيئا ما، يعيد الزمن والذكريات، واللهفة، والمجد، المصيبة ليس في أن الإبداع لا يورّث فحسب، لكنه أقرب إلى معاقبة المنتظرين، بمد لسانه استهزاء، وجرّ خَلَف سيء من أذنيه دائما، لو رآه سلفه من أهل الفن والإبداع، لما تمنى شيئا أكثر من العودة إلى التراب، حيث إكرام الميت دفنه فعلا، في التمثيل، والغناء، والشعر، وكرة القدم، نماذج كثيرة، يمكن لنا استحضارها من الذاكرة، بسهولة، لمبدعين يصلحون قدوة ومثلا، حاول أبناؤهم السير في دروبهم، ثم ما أنجبت القدوة غير عظة، وما أنجب المثل غير عِبرة، الاستثناءات نادرة، كأنها صدفة، أو هي الصدفة بعينها، لا تحضرني منها غير عبقرية زياد رحباني، في الموسيقى والمسرح والغناء، حالة مقابل ألف حالة تقول بالنقيض والعكس والمخالفة، بالرغم من ذلك أتمسك بالحلم الوهم، وأنتظر «إنزو»، لإيماني أن موهبة «زين الدين زيدان»، لا يمكن تكرارها، أو الإتيان بشبيه لها، من غير «وراثة»، الصلة الحقيقية بين أهل الإبداع، صلة حُلُم، وحدها موهبة زين الدين زيدان، تتطلب صلة رحم أيضا، لتتمكن الدهشة من الحضور مجددا، لم يكن لاعبا عاديا أبدا، كانت الكرة جزءا من جسده، كل قوانين الفيزياء تقف وتجلس عاجزة، حين يتعلق الأمر، بقدرته على ترويض الكرة، وقدرته على تمريرها، تسير إلى زميله كأنها رسالة ممهورة، وموقعة، ومختومة، ومغلفة، لا تفتح أسرارها، إلا للطرف المرسلة إليه، سواء كان هذا الطرف زميلا، أو شباك، لم يشف غليلي من كرة القدم أحد مثلما فعل زيدان، وليس أمامي إلا التمسك باحتمال أن يأتي ولده «إنزو» بعد سنة، أو سنتين من الآن، ليعيد لمسحور مثلي نفث العقد، بكامل فتنتها، أتابعه من خلال اليوتيوب، وأتتبع أخباره مدريدية الهوى، وأنتظر، لأنني على ثقة بأن مثل هذه العبقرية، إما أن تأتي سريعا من خلال وراثة جينية، وإما أن ينتظرها أحفاد أحفاد أحفادي، صدفة، والاحتمال الأخير والأقوى، ويا للحسرة، ألا تأتي أبدا، حدثت وانتهت، وكفى الله المبدعين شر «ميتراتزي»!