لكل جمعية خيرية رؤيتها وأهدافها الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها بما يتوافق وطبيعة نشاطها وبما يعود بالنفع والخير للجماعات والفئات التي تستهدف خدمتهم ومن تلك الأنشطة مجالات الخير والإحسان والتكافل الاجتماعي والثقافي والإبداعي والمهني، فهناك جمعيات تتبنى كل ما سبق مما أدى الى تعدد اللجان بها، وهناك جمعيات متخصصة تخدم فئة واحدة، فبين هذه وتلك تطرح تساؤلات عدة هل استطاعت الجمعيات الخيرية من خلال التنوع في الخدمات وتعدد اللجان بالجمعية الواحدة تحقيق رضا المستفيدين؟ وما أثر عدم التخصص على أدائها؟ التحقيق التالي جاء بأجوبة بعض مسؤولي تلك الجمعيات: رئيسة جمعية ود الخيرية الأستاذة نعيمة الزامل قالت إن خدمة الأسر في الجمعيات قد لا تعطي المأمول وذلك لعدة أسباب منها قلة الجمعيات وحداثة البعض، وعدم وضوح الرؤية للجمعية، بجانب العدد الكبير من الأسر التي تحتاج إلى خدمات مختلفة، وبالنسبة لجمعية «ود» فقد حققت تقريباً منذ اللجنة والجمعية 50% من أهدافها ورؤيتها وشعارها (مجتمع منتج متكافل) فهي لا تعتمد على الناحية الإغاثية بقدر ما تهتم بالناحية الإنمائية، أما من ناحية تعدد اللجان فهو لم يقرر إلا بعد دراسة ميدانية لأحوال الحي فنحن نؤمن بالتخصص ولكن حينما يتوفر عدد كبير من الجمعيات التي تخدم تلك التخصصات، ولجمعية «ود» تعاون كبير مع الجمعيات الأخرى، وهذه تعتبر ضرورة ملحة لعدم الازدواجية والتكافل المجتمعي، ومن الجمعيات التي نتكافل معها جمعية «بناء» حيث هناك اتفاقية بيننا بالنسبة للأيتام والأرامل حيث تقوم بناء برعاية الأيتام والأرامل ونحن نقوم بالتدريب والتثقيف، كما أن هناك تعاونا مع جمعية «مبرة الإحسان» منذ ست سنوات بالإضافة إلى جميع المؤسسات الخدمية الحكومية في المنطقة والتي تستمد الجمعية قوتها من هذا التعاون بعد الله». وأضافت الزامل قائلة:»إن تعدد لجان الجمعية يشمل أنواعاً من التدريب والتعليم للأسر مما يرفع اقتصادها وثقافتها مع إننا نرى أن التخصص مهم في الجمعيات ويعطى ثماراً أكثر ولكن قد يكون صعبا للأسر في حالة احتياجها عدة تخصصات، فالجمعية بقدر الإمكان تسعى إلى التخصص في التدريب، وتبتعد بقدر الإمكان عن الإغاثة إلا حسب الحاجة». من جانبها قالت رئيسة مجلس الإدارة بجمعية فتاة الخليج الخيرية بدريه الدليجان حيال هذا الموضوع: «لقد ساهمت الجمعيات الخيرية بدعم الأسر المحتاجة الى حد الكفاية، ولكن لم تحقق رضا المستفيد لأنها لا تؤمن له حاجاته كاملة، فقد أمنت جمعيتنا لبعض الأسر من أهالي الخبرمساكن وحسنت من أحوالهم وحرصت على استغلال إمكانية الأسر لتدريب وتأهيل وتوظيف أفرادها القادرين على العمل إضافة الى تقديم التوعية والإرشاد وكفالة الايتام وتعليم وتأهيل المعاقات حتى يمكنهم الاعتماد على انفسهم ورعاية أسرهم، والمستفيدين من خدمات الجمعية يأملون الدعم المتواصل من عدة نواحٍ فاللجان داخل الجمعية الواحدة وتنوع خدماتها تسهل وتنظم أعمالها اذا ما حددت أنشطتها بحيث لا تتعارض مع بعضها ويكون الهدف الرئيسي للجميع هو المستفيد، فتعدد اللجان شيء مهم في الجمعية»، وعن أثر عدم التخصص على أداء الجمعيات قالت الدليجان: «اذا لم يكن هناك تخصص بين لجان الجمعية أو بينها وبين الجمعيات الأخرى فسيكون هناك ازدواجية في الخدمات المقدمة فربما تحرم أسرة من الاستفادة وأخرى تحصل على ما ليس لها، فبعض الجمعيات المتخصصة في فئة معينة تقدم خدمات لمستفيديها لكنها غير متكاملة ولا تخدمه من جميع النواحي، أما بالنسبة لجمعية فتاة الخليج الخيرية فهي جمعية متكاملة تقدم خدماتها منذ عام 1388 ه لرعاية الأسرة بكاملها بما فيهم الأسر المحتاجة والأيتام والمعاقةن والأسوياء وقد حققت هدف إنشائها منذ تأسيسها». زياد أبو الفحم المدير الفني لمركز بناء الأسر المنتجة «جنى» شارك هو الآخر فقال: «إن قلة عدد الجمعيات داخل المملكة يؤثر على خدمة المستفيدين ولكن لا ننكر ان هذه الجمعيات تسعى دوما الى تقديم خدمات مميزة للفئة المستفيدة قدر المستطاع وحسب توجهات الممول في كثير من الأحيان، فالجمعيات الخيرية بالعالم تعمل الآن على البرامج المستدامة للفئة المستهدفة ولم تعد البرامج التقليدية تؤدي الغرض في تحقيق الأهداف في التطوير والرقي بالفقراء لذا فان خلق برامج مستدامة يؤدي إلى تخفيف الضغط على الجمعيات وبالتالي البحث عن رضا المستفيد سيكون الهدف الرئيسي، فاللجان بالجمعيات شيء جميل ولكن الأهم هو توفر موظفين متفرغين لهذا العمل لإعطاء أفضل أوقاتهم ويكونون مختصين في تقديم الخدمة ولكن للأسف الكثير ممن يعمل بها متطوعون أو بشكل جزئي، وبالتالي ينعكس على تقديم الخدمة المقدمة للمستفيد»، وأضاف ابو الفحم:» التخصص أحد أهم مبادئ علم الإدارة الحديثة لأن عدم التخصص بالمقابل يعنى تشتيت العمل وعدم الإتقان، فالكثير من الجمعيات جزاهم الله خيرا يعملون في جميع الميادين وهذا ناتج عن عدم التكامل في تقديم خدمات متخصصة مع الجمعيات المشابهة بنفس المدينة أو المنطقة، فنحن في مركز بناء الأسر المنتجة «جنى» حاولنا منذ البداية أن نأتي بشيء مختلف يلامس حاجات أفقر الفقراء من خلال تمكين الفقراء وخاصة النساء من أدوات إنتاجية ف «جنى» ليس مشروعا خيرىا بل مشروعا تنمويا مستداما يقدم خدمات القروض الحسنة والتأهيل للأسر لدخول عالم الأعمال والإنتاج بالمختصر هي بنك للفقراء تعلمهم إدارة النقد والعمل وتعزز ثقافة الإنتاج، ونحن بحمد الله لغاية هذا اليوم خدمنا من الأسر ما يقارب 14500 أسرة على مدار 3 سنوات ونحرص على بناء جسور التعاون مع الجمعيات بالمدن للاستفادة من الأسر لديهم للحد من الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل ذاتية. من جانبها قالت الكاتبة والناشطة الاجتماعية بدرية الجبر: لو فرضنا أن تخصيص الجمعيات تم على أكمل وجه وأصبح لكل جمعية شأن تخصصي لخدمة المجتمع فهذا يعني أننا نحتاج ضعف هذه الجمعيات لتقدم خدماتها لجميع الحالات في المجتمع، بيد أنني أرى ثمة طرقا أخرى لمساندة هذه الجمعيات على تحقيق أهدافها بشكل أفضل وهو الاقتراح الذي اتمنى تطبيقه في جميع مناطق المملكة وأرى افضليته من فكرة التخصيص ألا وهو تحويل الجمعيات إلى مراكز احياء وإغلاق الجمعيات التي يوجد مركز حي بجوارها وفتح مراكز في كل حي فمثلاً في منطقة الخبر عدد الاحياء 20حيا وفي الدمام ما يقارب 85 حيا هذا يعني أن الخبر تحتاج إلى 20مركز حي والدمام إلى 85 مركز حي «، وأضافت الجبر: إن اعتماد «مركز متكامل الخدمات» سوف يحتوي سكان الحي من عدة نواح أبرزها اجتماعياً وذلك بمشاركة الأهالي المشكلات التي يواجهونها ومحاولة إيجاد حلول عن طريق مساندة الجهات الأخرى لمركز الحي، كذلك التوعية الصحية وتفعيل الأنشطة والبرامج التثقيفية واحصاء الأسر المحتاجة في الحي بحيث يكون المركز أقرب للأسرة وأكثر احتواء لجميع مطالبها عوضاً عن أن توفير فروع وأقسام داخل المراكز سوف يكون متاحا مثل كفالة اليتيم الذي يسكن في الحي ودعم الأسر المنتجة ورعاية ذوي الإعاقة واستقطاب أبناء الحي للتطوع فيما يخدم حيهم وعدة خدمات أخرى تخدم الدوائر الحكومية كبعض الإحصائيات والاحتياجات الخدمية للحي، وتنظيم التبرعات وإيجاد فرص وظيفية للشباب والشابات، وبانتقال أدوار الجمعيات لمراكز الأحياء من شأنها أن ترتقي بالحي الذي يعتبر جزءا من منظومة أحياء المنطقة وارتقاء المناطق هو ارتقاء للدولة عبر جميع مؤسساتها، وقد يتساءل البعض عن شرعنة هذه المراكز والجهة الداعمة لها فأقول حتما ستقوم وزارة الشئون الاجتماعية بدعمها بدلاً من دعمها لبعض الجمعيات الخيرية عن الأخرى، بل إن دعم مراكز الاحياء في المنطقة لا يكلف حجم المصروفات على الجمعيات نظراً لعدد الفئة المستهدفة في الأحياء الذي يقل عن عدد الأسر الكبير الذي تواجهه بعض الجمعيات في احتوائها لنطاقات واسعة قد تشمل المنطقة بأكملها».