كشف خبراء عقاريون أن عدم وجود آلية تجبر ملاك الأراضي البيضاء على التطوير أو البيع ستعيق النمو العمراني وستسهم بتوسع المدن غير المدروس كما هو حاصل في المناطق حاليا، مما سيحدث قصورا في البنية التحتية والخدمات التي تقدمها الدولة، مؤكدين أن حجم هذه الأراضي بلغ 60 بالمائة من مساحة مدينة الرياض حسب آخر الاحصائيات. وقال عضو الجمعية السعودية لعلوم العقار المهندس خالد محمد مدخلي " طُرحت العديد من الحلول خلال المرحلة السابقة بما يخص الأراضي البيضاء المجمدة كفرض الضرائب على الملاك وغيرها، ولكن المشكلة ليست في الأنظمة وإنما في فرض تطبيقها ووضع الرقابة عليها". وأضاف"من الاقتراحات المتاحة حاليا للاستفادة من الأراضي المجمدة إعطاء فترة سماح لأصحابها إما بالتطوير أو بيعها مباشرة كما هو الحال في بعض الدول الأخرى، وكذلك إيجاد تشريعات ملائمة تنظم هذه الأراضي وإيجاد آلية رقابة عليها لأنه وبحسب الإحصاءات الأخيرة يوجد في المجال العمراني لمدينة الرياض فقط نحو 60 بالمائة أراضي بيضاء مجمدة. المنطقة الشرقية تحتاج إلى 4 آلاف وحدة سكنية والشركات توفر نحو 300 وحدة سنويا وذلك بسبب التضخم في أسعار الأراضي ومواد البناء والأيدي العاملة. وعن تأثير الأراضي المجمدة على التقدم العمراني خلال المرحلة المقبلة أكد مدخلي أنه في حال عدم وجود تنظيمات وتشريعات مدروسة ومطبقة ومراقبة لحل هذه الأزمة التي تمر بها مدن المملكة فإن المدن ستستمر في التوسع غير المدروس وسيزداد عدد الأراضي البيضاء كما هو حاصل في المناطق حاليا، وهذا سيحدث قصورا في البنية التحتية والخدمات التي تقدمها الدولة، ومن الأمثلة على ذلك محافظة جده حيث تفتقد أحياؤها المسكونة والمخططة إلى خدمات الصرف الصحي بنسبة تقارب ال 70 بالمائة من مساحة المدينة". وأشار مدخلي إلى أن "كثيرا من دول العالم لديها نظام (تحديد المدن) بحيث يكون التوسع لحدود معينة تنتهي عندها المدينة ومن ثم الرجوع إلى المناطق القديمة لإعادة تطويرها، بينما في المملكة لا توجد هذه الأنظمة مما يثقل كاهل الأمانات والوزارات ذات الصلة مثل وزارة الكهرباء والمياه والجهات المسئولة الأخرى وإنما تتشعب المدن في ظل عدم وجود أنظمة تخطيطية تقنن استخدام الأراضي البيضاء، مبيناً أن وزارة الاسكان لن تستطيع لوحدها حل مشكلة الإسكان في المملكة ما لم تتعاون معها باقي الجهات ذات الصلة ضمن أنظمة وتشريعات مطورة تتماشى مع معطيات المرحلة الحالية"، و نبه المدخلي بأن "وزارة الإسكان قامت بعمل المطورين العقاريين في المشاريع وتعاقدت مع المقاولين مباشرة بدلا من التعاقد مع مطورين عقاريين يمتلكون المؤهلات الفنية والإدارية والمالية والخبرة اللازمة لإدارة المشاريع والمحافظة على مثلث التكلفة والجودة والوقت، موضحاً أن الطلب على الاسكان مرتفع و في حال استمرت الوزارة بنفس النهج الحالي فإنها ربما ستضطر للتضحية بالجودة لتغطية هذا الطلب". وأوضح المطور العقاري المهندس حامد بن حمري أن الأراضي البيضاء أحد أسباب أزمة السكن بالمملكة وارتفاع الأسعار حيث إنها محتكرة من قبل قلة، لذلك يجب تطويرها وتخطيطها خصوصا إذا كانت من ضمن المرحلة الأولى لعام 1435ه. وأشار إلى أن حجم شركات التطوير العقاري بالمملكة يبلغ 5 مليارات ريال وهذا يشكل ما نسبته 5 بالمائة من حجم السوق البالغ تريليون ريال، ولهذا لن تستطيع شركات التطوير العقاري برؤوس الأموال المتاحة حاليا أن تساعد بحل أزمة السكن ولن تغطي الطلب خصوصا وأن المنطقة الشرقية تحتاج إلى 4 آلاف وحدة سكنية والشركات توفر نحو 300 وحدة سنويا وذلك بسبب التضخم في أسعار الأراضي ومواد البناء والأيدي العاملة، مطالبا بوضع استراتيجية واضحة ودعم القطاع الخاص. وقال المستشار الاقتصادي فادي العجاجي "الأراضي البيضاء أسهمت في تعطيل النمو العمراني حيث توجد في معظم المدن السعودية أراضي بيضاء غير مستغلة بأحياء مضى على إنشائها أكثر من 40 عاما، ومعظم الأحياء الجديدة نسبة المستغل منها أقل من 50 بالمائة". وأكد العجاجي" أن المدن السعودية لا تعاني من نقص في مخزون قطع الأراضي السكنية، بل إن الحجم الحالي للمخزون يفي باحتياجات السكان حتى عام 1445ه في كافة مدن المملكة ،ويؤكد على ذلك ما ورد في تقرير الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض (ملخص تنفيذي: واقع ومستقبل الإسكان في مدينة الرياض لعام 2009م) أن إجمالي مساحة مدينة الرياض (حدود النطاق العمراني الثاني) 2435 كيلو متر مربع عام 2009م، والمستغل منه لا يتجاوز 40.9 بالمائة، والحالة مشابهة في كافة مدن المملكة". وبين "أن المضاربة المحمومة والمزادات العقارية وارتفاع درجة الاحتكار عاملان أسهما في تفاقم الفقاعة في السوق العقارية حتى أصبح المواطن من الطبقة المتوسطة يحتاج ما بين 13 - 55 سنة لامتلاك قطعة أرض سكنية إذا تمكن من ادخار مالا يقل عن 30 بالمائة من دخله". وبالنسبة لكيفية الاستفادة من الأراضي البيضاء في تلبية الحاجة السكنية قال العجاجي : " إن إقرار المنظومة المالية (الرهن العقاري) يمهد لإنشاء قاعدة بيانات عن التسجيل العقاري ، وهذا ضروري في هذه المرحلة لأن جزءا كبيرا من قطع الأراضي السكنية والتجارية في مختلف مدن المملكة تحول إلى عقارات ميّتة تماماً نتيجة لموت أصحابها وعدم معرفة ذويهم بها، والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى عدم توفر قاعدة بيانات دقيقة عن ملكية الأراضي داخل النطاقات العمرانية لكل مدينة، وقد تراكمت هذه الحالة عبر عقود من الزمن وأخرجت بعض قطع الأراضي من نطاق السوق وحيز التداول لتسهم في ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات تجاوزت بمراحل إمكانيات الطبقة المتوسطة وأيضاً أصبح من المؤكد أن السوق العقارية السعودية تعاني من اختلالات عميقة حولت معظم رواد التجارة والصناعة إلى عقاريين وبدأ قطاع التشييد والبناء بالضعف التدريجي والانحياز إلى الاستثمار في حيازة قطع الأراضي السكنية والمضاربة فيها، لذا فإن فرض ضريبة على الأراضي غير المستغلة قد يكون أفضل أدوات السياسة الاقتصادية المتاحة للتأثير في السوق العقارية والحد من تفاقم الفقاعة العقارية التي أصبحت قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أنه لا توجد حاجة ملحة لفرض الضريبة في المدن الصغيرة، لكن في المدن الرئيسة فقد يكون من الضروري ابتكار أدوات قوية التأثير مثل فرض الضريبة على الأراضي غير المستغلة، فالمجتمع غير ملزم بدفع تكاليف تطوير احياء جديدة يتم احتكارها بالكامل ولا تصل إلى أيدي الطبقة المتوسطة. وعن عدم استفادة وزارة الإسكان من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني بدلا من البناء في المدن البعيدة الخالية من الخدمات أكد قائلا" واجهت وزارة الإسكان تحديات قوية في توفير أراضي سكنية داخل المدن الرئيسة مثل الرياضوجدةوالدمام، لاسيما بعد قرار الحكومة إنشاء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة 250 مليار ريال، لكن الوزارة تجاوزت هذه المشكلة بعد أمر خادم الحرمين الشريفين استقطاع نحو 9 كلم2 من مطار الملك خالد الدولي بالرياض لمشاريع الإسكان، وتوفير أمانات المناطق في كافة مدن المملكة للأراضي السكنية داخل النطاقات العمرانية، وبالتالي فإن مشاريع وزارة الإسكان داخل النطاقات العمرانية وتتوفر بها خدمات متكاملة.