فرحهم هذا المساء مازال معلقا في مسيرته الذهبية .. بين البحر بزرقته الساحرة و رمال الصحراء بذهبيتها الصاخبة .. لم يحدد وجهته حتى الآن .. فهو يجوب شوارع القلوب الزرقاء والصفراء .. يتحرى من منهما ينمو زهرا أو شوكا.. ينمو نخلا أو طحالب.. وكل الذي يعني هذا الفرح المجنون النوم على وسادة العاصمة بفرح دائم أو بفرح عائد .. وسيبدأ في الاختيار فور صافرة النهاية لمن يجيد طهي وأكل « البيتزا» ..!! من يستيقظ بداخله زئير الأسد المتمرد .. البحر الذي بدأت أمواجه تميل للبطء وقلة الحركة والانحناء لأي عاصفة أو قارب يمر بين أمواجه ..أم الفارس الذي ودع ساحة الألقاب منذ زمن بعيد حتى أصبح ضمن الفرق التي اعتادت على هجران الانتصارات ..!! من يتمرد على واقعه أكثر .. ويسقط ما بداخله من خواء .. ليكتب من جديد كلمات الانتصار على الهواء .. وتأخذ أفراحه مساحة في بستان الورد الأبيض ..فيتنقل الوهن والضعف الذي مر به في رحلة البحث عن الذات والهوية .. من سيرضى منهما بحالة الأسد المقيد خلف القضبان ..!! نعم .. يلف في رأسي ألف سؤال وسؤال .. ويبقى عاجزا عن الإجابة .. لا شيء هنا في الدماغ .. فكل الخلايا العصبية واللا عصبية .. الإرادية واللاإرادية .. تسكن في محبرتي اللعينة .. هي من تقودني لألف إجابة وإجابة .. ولكنني أحبذ الغوص معكم في رحلة البحث عن هذه الإجابة التي تحوم حاليا ما بين اسوار الهلال والنصر ..!! حاولت الاستسلام لمقولة أسبوع ما قبل النزال .. النصر طاير والهلال رايح .. لكنني تذكرت أن الأزرق يجيد العوم في بحر النهائيات .. وأن الأصفر عادة ما يحتفل في مناسبات عديدة قبل أن يصل لخط النهاية مما يوقعه في أزمات متتالية ..فهو لا يستطيع العيش وسط المياه الراكدة .. لقد اغتسل بعد جيله الذهبي بمياه أمواجها متلاطمة تقذفه يمينا .. فيصر على المكوث في الشمال .. يطوف على الجهات الأربع .. ويعيش في مناخ الفصول الأربعة في يوم واحد.. لا يحب الطريق المعبد .. فقد عشق المشي على الأشواك .. ولذته أن يتخطاها هذه المرة لأنه فريق يملك قاعدة شعبية كبيرة .. وله متعاطفون .. والأهم أنه متعطش للقب منذ سنوات طويلة .. أما الأزرق فهو صاحب السيادة لست سنوات متتالية .. ومع ذلك فجمهوره طماع لا يرضى إلا بالكثير .. ويهاجم بشراسة إذا حقق القليل ..!! أصحو أنا وقلمي .. أشحذ الهدوء .. أحاول ترويضه .. أتمتم بكلمات خفية .. كي لا انساق في هذا النهائي الكبير خلف عاطفة .. ولا أتجمد خلف عقل عنيد معقد .. كل شيء عنده في الكتابة حيادية ومثالية جوفاء .. والحق يقال أن العقد لدى البعض تحرض الشارع الرياضي لاحتقان غير مقبول بسبب فوز أو خسارة .. بينما قمة القمم في العالم البرشا والملكي تنتهي المنازلة .. وكأن شيئا لم يكن .. بمعنى صحافة البرشا تجلد فريقها ونجومها إذا لم يكونوا في يومهم .. وصحافة الريال تعمل الشيء ذاته .. !! هي ليلة .. الفائز فيها سيسطو على الأخضر واليابس فرحا .. هكذا هي مواجهات الديربي في عاصمة العرب .. فلا حرس يوقفها .. ولا ملل يسكنها .. ولا نعاس يهاجمها.. !! تساءلت ماذا لو جعلت الأغاني التي تسكن زنبقة الحرف في قلمي تنفخ في فضاءات الفائز .. وتهيم في سمائه .. حتما سيقولون مندس لو فاز الأصفر .. ومنبطح لو فاز الأزرق .. فالثقافة عندنا هي أن تكون ذا اللون الواحد .. وتبغض وتكره كل الألوان الباقية ..!! لكنني وتحت وطأة النبل الذي يزور قلمي دائما .. سأكتب لكل الألوان .. ولن أتراجع تحت ضغوط العاطفة .. ولن استسلم للغة الأفاعي .. التي تولد الكراهية للآخر ..!! تساءلت أيضا هل كان لزاما على حملة القلم أن يكون أسيرا لهذا الغول في مكائده ومصائبه وصخبه وهيجانه .. أعني التعصب للون الواحد والرأي الواحد وحتى النجم ..!! من الوهلة الأولى .. اعتقدت أنني رجل احتضن صندوقا فارغا وتوهم أنه مليء بالذهب .. لكنني بعد تفكير غارق اقتنعت أن لهذا القلم مناقير وأجنحة ورأسا يملؤه التغريد أحيانا .. والنياح في أحيان أخرى .. يحالفه النجاح تارة .. ويبدو كعاشق فاشل يرتجف أمام حبيبته «الكلمات» تارة أخرى .. وكل الذي أتمناه أن تكون ردة فعل حملة القلم ممن يحالفها النجاح بعد الحدث وقبل الحدث .. لأنها الأساس في تهدئة الشارع الكروي من عدمه ..!! هي لغة إذا .. تتهادى بين عاشق اسمه «القلم» ومعشوقته «الورقة البيضاء» .. وأجواء الهلال والنصر تغري لتكون الورقة البيضاء مزخرفة بديكور حديث يمتع النظر .. دون أن يخلط الألوان بخربشات « تسد النفس « الانكسار والانتصار .. لغة راقية حتى أن السجع عامل مشترك بينهما .. ويمكننا أن نطبق ذلك على مواجهة الأصفر والأزرق .. فكلاهما ينتميان لمنطق الطبيعة وجمالها ورونقها ..!!