أصحو أنا وقلمي.. أشحذ الهدوء.. أحاول ترويضه.. أتمتم بكلمات خفية.. فيسمعها ويكتبها بدون "احم ولا دستور" .. لا أعرف ممن تعلم استراق السمع.. ظننت في بعض الأحيان انه ليس بجماد.. فهو يسمع ويتكلم بصمت.. ويملك صفات العناد والمراوغة والخديعة.. لا يسمع النصيحة.. ويركب رأسه دون أن يلتفت.. وكنت أنا وهو في حرب داحس والغبراء يوم أمس.. أحاول أن أقاوم شيطنته ومبالغته في رصد السلبيات.. انتصرت عليه وانتصر علي.. والمعركة مازالت قائمة حتى كتابة هذه الأسطر ..!! ** لا أعرف لماذا يريد أن يزرع شتاته المتناثر فوق البحر وعلى رمال الصحراء في بستان واحد.. وهو يعرف تمام المعرفة الخلاف بين (الزرقة والصفرة) منذ أمد بعيد.. لا تستطيع محبرتي تبعات جماهيرهما التي تقذف برؤوس نووية..!! ومع ذلك فإن بداخل أناملي أزير أسد متمرد.. يحب المغامرات.. ويهوى النط والقفز في الكلمات.. حتى لو كلفه ذلك دخول المخافر .. وفواتير ساهر .. !! ويشجّعني في هذه المغامرة تمرد قلم.. وكلمات أكتبها في الهواء.. لا تجرؤ أن تأخذ مساحة في بستان الورد الأبيض.. فهي تهوى القضبان ..!! مصيبة عندما تصبح أسيرًا لقلم يحاول التمرد دائمًا حتى ولو كان على حساب محبيك وميولك وحتى أصدقاء المهنة ممن يسيرون أيضًا في ركب القلم..!! ويلف في رأسي ألف سؤال وسؤال.. ويبقى عاجزًا عن الإجابة.. ما معنى المحلية.. وما معنى العالمية.. مصطلحات فضفاضة.. تبقي كل طرف محلك سر.. وتسير بهما خلف سراب لا يشربان منه أبدًا ..!! يا لها من محبرة.. ويا له من تمرد قلم.. والأخير لا يستطيع العيش وسط المياه الراكدة.. لقد اغتسل منذ نعومة أظافره بمياه أمواجها متلاطمة تقذفه يمينًا .. فيصرّ على المكوث في الشمال.. يطوف على الجهات الأربع.. ويعيش في مناخ الفصول الأربعة في يوم واحد.. لا يحب الطريق المعبّد.. فقد عشق المشي على الأشواك.. ولذته أن يتخطاها...!! بصراحة أكثر حتى أنا أصبحت أخاف من هذا القلم المتمرد الذي يتربص ليلًا.. فيسطو على الكلمات.. هكذا بدون مقدّمات ولا تخطيط ولا تدبير.. أتعجب كيف يسلك درب الصعاب.. فلا حرس يوقفه.. ولا ملل يسكنه.. ولا نعاس يهاجمه فيفتك به.. ينام على سريره بفكرة.. ويصحو بفكرة أخرى.. وكان هذا التمرد يكبح سابقًا بالتروي والتفكير ولكن الضيف الجديد على التكنولوجيا "توتير" ورّطنا مع الجميع فهذا العصفور الصغير "فخ" لترجمة الفكرة للناس بسرعة الصاروخ..!! أحيانًا أقول لنفسي.. ماذا لو رميته بعناده وصخبه وحسناته وسيئاته في البحر ؟! أقصد القلم.. لكن هناك مَن نصحني وقال "التهمة واضحة إذا رميته في البحر فهو عنوان كبير للهلال.. حينها رميته في الصحراء لكن هناك مَن نصحني أيضًا أن الرمال الذهبية في الصحراء هي عنوان كبير للنصر ..!! سبحان الله في الرياضة.. الاتهام جاهز لكل شيء.. لكل صغيرة وكبيرة.. حتى لو جاءت الأحداث بالصدفة.. فإن سوء النية حاضرة في التفسير والتأويل ..!! في الرياضة الأمور تعقدت أكثر من السياسة.. وإذا كانت المقولة الشهيرة "الرياضة تجمع ما فرّقته السياسة" أصبحت معكوسة هذه الأيام والأحداث تثبت صحة هذه النظرية ..!! مصيبة عندما تصبح أسيرًا لقلم يحاول التمرد دائمًا حتى ولو كان على حساب محبيك وميولك وحتى أصدقاء المهنة ممن يسيرون أيضًا في ركب القلم..!! هناك كلمات تمثل الأفاعي تسكن كتاباتنا وتنفخ في فضاءات الفوضى.. وتهيم قبحًا في سماء الرياضة.. ترمي سمومها في طريق سالك.. وللأسف هي الأكثر رواجًا عند المتلقي.. وأكثر بحثًا للعامة والمتعصبين.. حتى بتنا لا نعرف مَن السبب في هذا التعصّب البركاني .. الكاتب أم المتلقي ..!! تساءلت في نهاية المطاف.. هل كان لزامًا علي أن أكون أسيرًا لهذا الغول في مكائده ومصائبه وصخبه وهيجانه.. الصغير في حجمه .. الخفيف في حمله.. ؟! لا أعرف حقيقة أكثر من حقيقة الألم الذي زرعه هذا القصير المكير.. وأقصد القلم وممن يحملونه في وسطنا الرياضي.. ولا أزكي قلمي فهو واحد ممن سبح في إثارة ما هو قبيح في كثير من الأحيان.. ولكن ما هو مهم لكل الجماهير التي تمقت الفوضى الخلاقة في وسطنا الرياضي.. وأعيي كثيرًا ما معنى الفوضى الخلاقة دون أن تتحفنا بها السيدة رايس.. هو أنها شريكة في هذه الكارثة.. لأنها تركت الجميل بدون دعم ومساندة.. وركضت خلف القبيح بحجة الإثارة.. والمطلوب أن تعي أن الجميل في المعلومة والثقافة والفكرة.. لا في الصراخ والشتم والخروج عن النص.. ومتى ما عزفت الجماهير عن القبيح.. سيظهر الجميل ويعتلي القمة مرة أخرى..!!