« الله أكبر الله أكبر الله أكبر .....الله أكبر ولله الحمد» بهذه الأدعية والابتهالات ماانفك أهالي بنغازي – كما هو الحال في معظم المدن الليبية - يرفعون اصواتهم بها في ساحة الشهداء بعد كل خبر مفرح في سبيل تحررهم من نظام العقيد حتى يخال المرء ان هؤلاء القوم في عيد مستمر الى اجل غير مسمى. وحق لهم ان يفرحوا. فماهي الا سويعات - قبيل صدور قرار مجلس الامن بفرض منطقة حظر جوي فوق البلاد - وتنقض عليهم مااصبح يعرف في الاعلام ب « كتائب القذافي» لتعيث في الارض فسادا وتهلك الحرث والنسل. لقد أتى توقيت قرار مجلس الأمن حاسما ليمنع ما كان سيصبح فظائع ابادة في معقل الثورة الليبية. كيف تطورت الأحداث في ليبيا ؟ سؤال يؤكد حقيقة ان لكل بلد عربي خصوصيته في كتابة تاريخه الحديث. فليبيا بلد تم اختزال مؤسساته في شخص الزعيم الى درجة منعت – حسب رؤية وارادة الزعيم - من تكوين مؤسسات حكومية فاعلة تدير البلاد والعباد كما هو متفق عليه في بقية دول ارض الله الواسعة. لذلك كانت آلية الثورة الليبية مختلفة. لقد قالها العقيد صراحة « اما ان احكمكم او اقتلكم». ولان بلدا بدون مؤسسات لايمكن له ان يعمل، فقد قرر الشعب الليبي اخذ المبادرة بيديه، وقد وجد الى الشرق منه في ارض الكنانه، والى الغرب في تونس الخضراء ماشجعه على ذلك. سؤال يؤكد حقيقة أن لكل بلد عربي خصوصيته في كتابة تاريخه الحديث. فليبيا بلد تم اختزال مؤسساته في شخص الى درجة منعت – حسب رؤية وارادة الزعيم - من تكوين مؤسسات حكومية فاعلة تدير البلاد والعباد كما هو متفق عليه في بقية دول أرض الله الواسعةغير ان وضع اللادولة كما هو حال ليبيا اثبت انه اخطر بكثير من وضع دولة المؤسسات. هنا عمل النظام الليبي عمله. فقد انبرت كتائب القذافي تعمل عملها في غياب أي قوة مؤسسية يمكن لها ان تقف امامها، تماما كما خطط لها الزعيم. لقد دقت ساعة الصفر لهذه القوات ان تؤدي دورها كما هو مخطط لها وان تطهر الارض « زنقة زنقة» وان تجعل الارض جمرا تحت اقدام من اسماهم تارة ب « الجرذان» او « المهلوسين» تارة اخرى. ففي شرق ليبيا ما ان وصل الثوار الى راس لانوف في زحفهم غربا لتحرير بقية الاراضي الليبية حتى بدأوا بالتراجع تحت ضربات طائرات ودبابات ومدفعية العقيد الى ان وصلوا الى مشارف بنغازي. وفي غرب ليبيا مازال الثوار يقاومون هجمات الكتائب ببسالة منقطعة النظير وسط انباء عن فظائع ارتكبت ومازالت بحق المدنيين. امام وضع كهذا وبعد طول انتظار اتى القرار التاريخي لمجلس الامن رقم 1973 ليضع حدا لفظائع نيرون العصر وليرسم نقطة تحول في مشهد الاحداث برمته. ولأول مرة في التاريخ الحديث يصدر مجلس الأمن قرارا لمصلحة العرب بمشاركة ودعم منهم. وحسنا فعلت قطر والامارات العربية المتحدة. اذ ان مشاركتهما الميدانية في تنفيذ قرار مجلس الامن ارتقاء بالعمل العربي وجامعة الدول العربية الى مصاف هيئة الامم والتعامل معها من موقف الكفاءة والند والاهم من ذلك ان تصبح الجامعة العربية عضوا فاعلا في المجموعة الدولية. مازال المشهد الليبي بعيدا تماما عن الحل فليس معروفا بعد كيف ستنتهي الامور في هذا البلد الصحراوي المترامي الاطراف. فطول الوقت ليس من صالح التحالف والثوار ضعيفو التنظيم والتسليح، اما المجلس الوطني الانتقالي فلم يزل غضا بعد وهو بحاجة الى جهود جبارة لعرض قضية الشعب الليبي على المتشككين في عدالتها. غير ان هناك اجماعا من قبل كافة الاطراف ومن قبل الليبيين انفسهم، والتحالف الدولي و الجامعة العربية على ان العودة الى ماقبل 17 فبراير امر مستحيل. ترى هل كان هناك حاجة لان تأخذ الامور في ليبيا مجراها الذي اتخذته؟. بالطبع لا. لكنها قصة الصراع الابدي بين الحق والباطل. انها قصة شعب يبحث عن حريته بعد ان جثم احد اغرب وافظع الانظمة السياسية التي عرفها العالم بعد الحرب العالمية الثانية على صدره لاكثر من اربعة عقود. انها قصة تحرر وطني. وليبيا ليست في حاجة الى التذكير بنضالها البطولي ضد الفاشية الايطالية. هكذا يبدو ان التاريخ يكرر نفسه في سياق مختلف وباسلوب مختلف: انها قصة التحرر الثاني لليبيا. [email protected]