ثمّن عدد من الأكاديميين السعوديين والعرب جهود المملكة والآليات المتبعة في مكافحة ظاهرة غسيل الأموال أو ما تعرف بالجريمة السوداء لذوي اللياقات البيضاء، والتي تزعزع أمن واستقرار المجتمعات على كافة الأصعدة اقتصادياً، سياسياً، واجتماعياً، مؤكدين أن مواقف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله – المتشددة وتنفيذه لسياسة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – كانت عامل ردع ضد كل من سولت له نفسه اختراق بنيان المجتمع السعودي ويتخذ من المملكة مسرحاً لجريمته السوداء. الصدارة العربية والإسلامية من جانبه أكد الدكتور خالد الربيع الأكاديمي السعودي، أنه ينبغي عند الحديث عن قضية غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أن يعرف القارئ درجة خطورتها باعتبارها نوعا من الجرائم المالية التي قد تتجاوز آثارها المخططات الإرهابية ذاتها ، إذ إن عمليات تمويل الإرهاب التي تختلط فيها مصادر التمويل المشروعة بغير المشروعة لاستخدامها بعد ذلك في تنفيذ العمل الإجرامي الإرهابي قد تنتهي بتنفيذ الجريمة، في حين يكون الحال مختلفا ونحن نرصد توابع جريمة غاسلي الأموال أو ما يعرف كذلك بعملية تبييض الأموال، والتي تستخدم كقنوات لإخفاء أو تمويه طبيعة الأموال غير مشروعة المصدر، وبالتالي توظيفها من أجل دعم الأفراد والمنظمات الإرهابية حتى ينفذوا مخططاتهم الإجرامية، موضحا أن جوهر الإشكاليات الي تواجه الجهود الدولية المبذولة في محاصرة عناصر جريمة غسيل الأموال، تكمن في اعتمادها على الخدمات التي تقدمها المؤسسات المالية المختلفة كالبنوك وشركات التأمين والأوراق المالية، وغير ذلك من القنوات غير المالية كالوكلاء العقاريين، تجار الذهب والمعادن النفيسة لتمرير عملياتهم، ومن ثم استغلالها في عمليات تمويل أنشطة ارهابية. قال الدكتور الربيع: إن المملكة كانت في مقدمة الركب للتعاون مع المجتمع الدولي والاستفادة من النماذج والأطر ذات الكفاءة الفاعلة لتطوير الأساليب والقدرات المختلفة من أجل مواجهة جريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بجانب تعزيز التعاون العربي لتبني مبادئ استرشادية مشتركة وموحدة تلتزم بها الدول،تتناسب مع طبيعة هذه الجرائم المنظمة والعابرة للحدود، مشيرا إلى مشروع المملكة الرائد في مجال مكافحة غسيل الأموال والإرهاب، الذي قاده رجل الأمن القوي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بع عبدالعزيز رحمه الله وقد صدر بالفعل عام 1425 ه .، الأمر الذي وضع المملكة في مقدمة الصدارة لتحتل المكانة الأولى عربيا وإسلاميا في مجال مكافحة غسيل الأموال من أجل إقامة درع واقية للمجتمع والوطن من هذه الآفة التي تزعزعه وتهدد مستقبله. وأوضح بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين لا تدخر جهدا في التعامل بحزم وشدة مع هذه القضية لردع كل من تسول له نفسه أن يخطو بقدميه على حدها، لأنه متى وقعت في قبضة العدالة فإنه سيدفع الثمن من عمره قرابة عشر سنوات خلف جدران غياهب السجون، وإثقال كاهله بغرامة تقترب من خمسة عشر مليون ريال، وهي عقوبات أكثر صرامة من غيرها في قوانين أنظمة أخرى حتى تجعل كل خارج على القانون يفكر ألف مرة قبل أن يراهن على مغامرته، مشيرا إلى أن اتباع كافة المؤسسات المالية في المملكة وتملكها أحدث النظم التقنية ساهم بشكل واضح وملحوظ في عملية تتبع جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مما جعل هناك سياجا قويا يمنع تغلغل هذه الجرائم الخطيرة. ودعا الدكتور الربيع إلى ضرورة التنسيق الدولي بين الحكومات والأنظمة المختلفة من أجل تضافر كافة الجهود لدارسة ظاهرة غسيل الأموال والخروج بالرؤى والإستراتيجيات الفاعلة لمكافحة هذه الظاهرة، باعتبار أن جريمة غسيل الأموال ترتبط ارتباطا وثيقا بالعديد من الجرائم المنظمة وفي مقدمتها مايعرف بجرائم المنظمات الإرهابية، الفساد السياسي والإداري، المخدرات ، فضلا عن تجارة السلاح والمواد النووية والمشعة ، الاتجار في الأعضاء البشرية والأطفال ، حتى بما في ذلك التهريب الضريبي والجمركي، ناهيك عن لجوء أصحاب الأموال المغسولة في توظيفها ضمن أنشطة يترتب عليها حدوث أزمات سياسية واقتصادية ومالية وعسكرية تهدد أمن واستقرار المجتمعات. اضاف الدكتور الربيع أن بروز واتساع نطاق العلاقة بين جريمة غسيل الأموال وجرائم الفساد والإرهاب، جعل الاتفاقيات الدولية لم تقتصر على اقتصار ظاهرة غسيل الأموال على مجرد كونها تتعلق فقط بجرائم إنتاج وتسويق المخدرات فحسب، بل ضمنتها تجفيف منابع الفساد والإرهاب ، حيث نصت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في 15 ديسمبر عام 2000 م.، والمعروفة باسم اتفاقية (باليرمو) على أن تلحق بقواعد تجريم ظاهرة غسيل الأموال، ما يتعلق بالجرائم المشاركة في جماعة إجرامية نظامية، بما يشمل ذلك جرائم الفساد، تزييف أو تزوير العملة، الإرهاب، القرصنة وتهريب الأسلحة والمتفجرات أو الاتجار بها،وخطف الأطفال والنساء والاتجار بالبشر، وسرقة واختلاس الأموال العامة أو السطو و السلب بوسائل احتيالية. ودعا الدكتور الربيع إلى ضرورة أن تأخذ الدول العربية بالأنظمة والمعايير الدولية المطبقة لقياس مدى النجاح الذي يتم إحرازه على طريق مكافحة ظاهرة غسيل الأموال، وما يتطلبه ذلك بالضرورة من الحاجة إلى كوادر لتنفيذ هذه البرامج، مما يلقي على عاتق المنظمات الدولية أن تقوم بدورها للمساهمة في تنفيذ البرامج وورش العمل المطلوبة من أجل رفع مهارات وتدريب العناصر البشرية التي تحتاجها عملية تنفيذ.
الأمير نايف بن عبدالعزيز
الجدية والردع من جانبه أكد الدكتور وصفي الروسان الأكاديمي الأردني وخبير برامج التدريب وتنمية الموارد البشرية في دول الخليج، أن الحديث عن جهود المملكة في قضية غسيل الأموال أو ما يطلق عليها جريمة سوداء ب (ياقات بيضاء )، يحتاج إلى إطلالة على المسارات التي انتهجتها القيادة الرشيدة في حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في تعاملها مع قضية تسببت في إزعاج كثير من اقتصاديات الدول وإرباك للأنظمة السياسية، وهزة لإستراتيجيات الأمن القومي، بل وخلل في بنيان المجتمعات، ومن هنا جاء تعامل حكومة المملكة مع الحدث بقدر ما يشكله من خطورة وتهديد على الحاضر والمستقبل في آن واحد. قال الدكتور الروسان: إن أهم الخطوات الملموسة التي اتبعتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لبناء جدار منيع لحماية المملكة في أعاصير هذه الجريمة المنظمة كان المسارعة بسن التشريعات ووضع الآليات والأنظمة اللازمة لمواجهة قضية جرائم غسيل الأموال ومحاصرة أي بؤر تشير إليها أصابع الاتهام بالتورط في تمويل وتغذية روافد الإرهاب، ومن الآثار المشهود لها في هذا الصدد أنه قد أقرت هيئة سوق المال السعودي نظاما لمكافحة غسيل الأموال بلائحته التنفيذية، بجانب دليل إرشادي، ووحدة تحريات مالية تابعة لوزارة الداخلية، كأذرع مختلفة لتعقب الأيادي التي تتلوث بجريمة غسيل الأموال، موضحا أن جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في الاهتمام بقضية مكافحة جريمة غسيل الأموال، شملت أيضا رفع مهارات العناصر البشرية المنوط بها المهمة كتأهيل وتدريب أعضاء الجهات القضائية ورفع مهاراتهم، فضلا عن تطوير أداء الأجهزة الأمنية واستخدامها للتقنية الحديثة، مما جعل إمكانية ملاحقة الجريمة أمراً ميسراً، بل ربما كان من أعظم آثار ذلك تحقيق الردع الذي يمنع الجريمة حتى قبل وقوعها . أشار الدكتور الروسان إلى أن المملكة في سبيل تأكيداتها على جدية التصدى لجريمة غسيل الأموال، فقد شمل ذلك إلى جانب ما أصدرته من أنظمة قانونية داخلية للمكافحة، فإنها كانت حريصة على مد يد التعاون مع المجتمع العالمي والتوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية،والالتزام بتنفيذ المبادئ العامة للتعاون الدولي في مكافحة هذه الجريمة . أضاف الدكتور وصفي الروسان بأن قضية مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب باعتبارها من أخطر الجرائم المنظمة عابرة الحدود واكثرها تعقيدا، وتؤثر في جميع القطاعات وتمثل إحدى الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تواجه العالم بأسره خاصة في ظل العولمة وشيوع التجارة الإلكترونية، فإنها تحتاج إلى تضافر كافة الجهود وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمحاصرة هذا النوع من الجرائم التي تهدد كيان المجتمعات في كافة أنحاء العالم. إن أهم الخطوات الملموسة التي اتبعتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لبناء جدار منيع لحماية المملكة في أعاصير هذه الجريمة المنظمة كان المسارعة بسن التشريعات ووضع الآليات والأنظمة اللازمة لمواجهة قضية جرائم غسيل الأموال ومحاصرة أي بؤر تشير إليها أصابع الاتهام بالتورط في تمويل وتغذية روافد الإرهاب
الخصوصية والانتماء من جانبه يرى رائد الجبوري الباحث العراقي في درجة الدكتوراة بجامعة عين شمس المصرية، أن انتشار ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب إنما ترجع في الأساس إلى جملة من العوامل والأسباب يأتي في طليعتها، اتساع نطاق حركة رؤوس الأموال الدولية ، ونمو الاسواق المالية الدولية ، والطفرة الهائلة في النشاط الاقتصادي عبر عابر للقوميات التي كان لها الأثر الكبير في التعجيل بممارسة الانشطة الإجرامية عبر االحدود ، وتوسيع نطاق الجريمة، إذ حمل كل ذلك في طياته تناميا في حركة تداول أموال المنظمات الإجرامية على المستوى المحلي والدولي ، الأمر الذي جعل العالم يبدو وكأنه يعيش تحت سقف نظام اقتصادي إجرامي ، فضلا عن الطفرة الكبيرة في التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال ،إذ ساهمت التجارة الالكترونية في تطوير عمليات غسيل الأموال بفضل ما يرتبط بها من نقود الكترونية ( افتراضية ) حيث تختزل الكتل النقدية الكبيرة في أقراص الكترونية صغيرة يمكن نقلها من بلد إلى آخر، ثم يأتي أثر الانفتاح والتحرر الاقتصادي وتحرير التجارة وتنامي التجارة الالكترونية ونمو القطاع الخاص الطفيلي ، الأمر الذي أدى إلى ظهور ارتجالية القوانين واتساع نطاق الثغرات في تشريعات العمل والنقد والصرف والاستيراد والتصدير ، وهروب رؤوس الأموال وظهور العلامات التجارية المقلدة والمزيفة وتنامي الاقتصادي الموازي والخفي، وهذه الظواهر تزيد من تنامي الاتجاه نحو عمليات غسيل الأموال دوليا . قال الجبوري: إن تحصين المملكة ضد عمليات اختراق مافيا ظاهرة غسيل الأموال أو جرائم تميل الإرهاب، إنما يرجع بالدرجة الأولى إلى خصوصية المملكة العربية السعودية، ودرجة الوعي الديني عند المواطن السعودي وحبه للوطن وتعاظم فكرة الانتماء إليه، مما جعل هناك ما يشبه حالة التناغم بين الجهود الرسمية التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وبين المواطنين لتكوين حائط صد لأي اختراق من الخارج أو تكاتف الجهود لتجفيف أى منبع بالداخل، الأمر الذي جعل أرض المملكة لاتصلح تربتها إلى نمو مثل هذه الطفيليات المهددة لاستقرار المجتمع. وأوضح الجبوري بأن جهود المملكة لم تقتصر فقط على تحصين الجسد السعودي من الداخل ضد فيروس ظاهرة جريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بل امتدت يدها إلى خارج الحدود لتكوين ما يطلق عليه منظومة حائط الصد الخارجي لزيادة التحصين، ومن بين ما اتخذته توقيع اتفاق تعاون مع وزارة الداخلية العراقية، ضمن حزمة من الاتفاقيات الأمنية التي تم التوقيع والمصادقة علىها مع الدول الآسيوية والإسلامية والعربية، بهدف إنشاء قنوات اتصال للتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، فضلا عن التزامها بتنفيذها القرارات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله ، وتوثيق التعاون مع الدول والمنظمات الدولية من أجل مكافحة ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ودعا الباحث رائد الجبوري إلى أهمية تنسيق الجهود العربية من خلال آلية بيت العرب أو الجامعة العربية من أجل أن يكون هناك تعاون بين الأجهزة الرقابية والقضائية لوضع الخطط والبرامج والإستراتيجيات لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل، واجتثاث جذور تمويل الإرهاب من خلال تبادل الرؤى والخبرات والمعلومات سواء على النطاق الإقليمي والدولي أوالثنائي لمنع مثل هذه الجرائم. وأعرب الجبوري عن تطلعاته أن تلحق العراق بالمملكة على طريق تجفيف منابع ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحا أن الظروف التي مرت بالعراق جعلت منه تربة خصبة لنمو وانتشار مثل هذه الظاهرة ،في ظل ما كانت تعاني منه الدولة في الماضي وإبان فترة الاحتلال من ضعف هيبة الدولة وسلطة القانون ووجود للقوات الأجنبية والفوضى في الإدارة الاقتصادية والمالية وتحكم المليشيات في إدارة بعض المناطق في بغداد والمحافظات وتواجد المنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة وتدفق الأموال لتمويل النشاط الإرهابي ودخول الشركات الأجنبية لتنفيذ مشاريع الإعمار،وتعدد مصادر الصلاحيات الاقتصادية المتعلقة بإعادة الإعمار، وضعف فعالية إجراءات الحكومة، حتى جعلت منها منطقة جاذبة لممارسة الفساد المالي والإداري بكل أشكاله من ناحيةومنها نشاط غسيل الأموال.
غسيل الأموال بين الحلال والحرام.. نظرة إسلامية لقد ظهر الفساد في عالم الاقتصاد وأخذ أشكالاً متعددة وأساليب متنوعة من التزييف والاختلاس والسرقة والمتاجرة بالمخدرات والرقيق الأبيض والمتاجرة بالبغاء والرشاوى فكثرت الأرصدة المشبوهة في دنيا المال والمحرمة حسب قوانينهم منها ما يسمى الأموال القذرة والأموال المحرمة وهكذا. بحيث يصعب إدخالها إلى البنوك ووضعها في حسابات سرية وبأسماء نظيفة. ونشرت بصورة كبيرة مقولة غسيل الأموال والتى أدت إلى محق البركات وهدم القيم والأخلاق وطغيان النظم والحكومات وأودت بكثير من الدول إلى الهلاك.. وحول معنى غسيل الأموال ؟ وكيف يتم وهل هو حرام أم حلال (من خلال نظرة إسلامية)؟ كان لنا التحقيق التالى .. حيل وطرق فى البداية يقول الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامى بجامعة الأزهر : ان غسيل الأموال هو استخدام حيل وطرق ووسائل للتصرف فى أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة وغير قانونية لإضفاء الشرعية والقانونية عليها وذلك من خلال انطوائها (إخفائها) فى المعاملات التقليدية من بيع وشراء وصرف وتداول وتحويلات وتتنوع مصادر الحصول عليها حيث تنشأ قذارة تلك الأموال من انها اكتسبت من مصادر غير مشروعة يجرم مكتسبها أمام القانون ويحاول أن يلبسها لباسا شرعيا ليفلت من العقاب وينجو بالمال القذر . وان أهم الأنشطة التى تأتى منها الأموال القذرة أنشطة الاتجار فى السلع والخدمات غير المشروعة مثل : المخدرات والبغاء والدعارة والرقيق الأبيض وما في حكم ذلك وأنشطة التهريب عبر الحدود للسلع والمنتجات المستوردة للتهرب من الرسوم والضرائب المقررة وأنشطة تهريب السلاح وبيعه إلى البلاد والدول وبيعه بأسعار باهظة للعصابات وأنشطة السوق السوداء فى السلع والعملات التى تعانى منها البلاد النقص الشديد مستغلين حاجة الناس.
ان غسيل الأموال هو استخدام حيل وطرق ووسائل للتصرف فى أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة وغير قانونية لإضفاء الشرعية والقانونية عليها وذلك من خلال انطوائها (إخفائها) فى المعاملات التقليدية من بيع وشراء وصرف وتداول وتحويلات وتتنوع مصادر الحصول عليها حيث تنشأ قذارة تلك الأموال من انها اكتسبت من مصادر غير مشروعة السلع الفاسدة وأضاف : لقد حرمت الشريعة الإسلامية مصادر الأموال القذرة وحيل غسلها ، لأنها تقع تحت كبائر الذنوب مؤكدا التخلص من المال الحرام فى مصارف الخير ليس من باب الصدقة حيث يقال : (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) . إنما هو من باب صرف المال الخبيث أو الحرام فى مصرفه الوحيد ، فهو هنا ليس متصدقاً . ولكنه وسيط فى توصيل هذا المال لجهة الخير . ويمكن أن يقال : انها صدقة من حائز المال الحرام عن صاحب المال ومالكه. غير المشروعة وأشار الدكتور عادل يعقوب أستاذ الاقتصاد الإسلامى ووكيل كلية التجارة جامعة الأزهر إلى أن الأموال الحرام هى الأموال التي تكتسب او تحاز بطرق غير مشروعة وهى التي ورد النهى عنها، او ورد الحد على ارتكابها. او ورد وعيد شديد على حيازتها او سماها الله تعالى باطلا ويشمل جميع ما سبق فمما ورد النهى عنه دون الحد الربا. ومما ورد فيه الحد السرقة والحرابة. ومما ورد فيه الوعيد الشديد أكل أموال اليتامى ظلما وبيع الحر وأكل ثمنه وهكذا، ويمكن حصر هذه الأموال المحرمة في أصلين هما (أكل أموال الناس بالباطل) و(تعدى حدود الله في التصرفات المالية). المجتمع الإنسانى من جهته، أوضح الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق أنه لا يرد غسيل الاموال في الشريعة الاسلامية الا على المال الحلال والذي اكتسب بطريقة مشروعة وباستقراء احكام الشرع التي تهدف الى تطهير المال وجعله نعمة خالية من شبهة الحرام نجد ان الشرع يطهر المال ويزكيه ويزيد في بركته حين تؤدى زكاته بحسب شروط اخراج الزكاة اي (زكاة المال وزكاة الفطر) كما يتطهر المال بالصدقة وتزيد بركته لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : (ما نقص مال من صدقة). وفضلا عن ذلك امر الشرع بالوفاء بحقوق العباد التي تنشأ من المعاملات المالية او الديون حتى ديون النفقات التي يفرضها الشرع على من يلتزم بها نحو الاقارب وهكذا يزكى الحلال وينمو وتزداد بركته ويصح ان نطلق على ذلك غسيل الاموال فتكون العبارة اصدق ما تكون حسا او معنى. العقوبات المقررة وأشار الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح الإسلامى السابق قائلا : ان مصطلح غسيل الاموال الذي ظهر على الساحة الاقتصادية الآن يعني القيام بتصرفات مالية مشروعة لمال اكتسب بطرق غير مشروعة عن طريق استخدامه ولمرات عديدة وفي جهات مختلفة باساليب عدة وفي وقت قصير في الاستثمار في اعمال مشروعة مثل الايداع في البنوك الخارجية وادخاله بطريقة مشروعة الى البلاد او محاولة اخراجه من البلاد بطريقة مشروعة عن طريق التحويلات الخارجية او تدويره في شراء عقارات ثم رهنها والاقتراض بضمانها او تداول المال في البورصات المحلية او العالمية او انشاء شركات وهمية واثبات معاملات مزورة باسمها بهذا المال وذلك كله من اجل اخفاء المصدر غير المشروع للاموال وتضليل الاجهزة الرقابية والامنية للافلات من العقوبات المقررة عن الجرائم الاقتصادية التي ارتكبها اما مصطلح التوبة من المال الحرام فانها تعني بداية التوقف عن كسب المال الحرام ثم حصر وتحديد ما سبق ان كسبه والتصرف فيه برد المظالم الى اصحابها. فاستخدام مصطلح غسيل الاموال استخداما مضللا يضيف جريمة اخرى الى جرائم كسب المال الحرام بينما التوبة مصطلح شرعي يهدي الى الطهارة الحقيقية من الكسب الخبيث وعملية غسيل الاموال تزيد الجرائم الاقتصادية وتتوسع بينما التوبة من المال الحرام تؤدي الى تقليل ذلك وتحد منه فغاسل الاموال المحرمة يخشى الناس اما التائب فيخشى الله تعالى وغسل الاموال سلوك سيئ مجرم قانونا بينما التوبة سلوك حميد مطلوب شرعا. التغطية والتعميم من جهته، اعتبر الدكتور أحمد محمد السيد مدرس مساعد بكلية الدعوة الإسلامية قسم مقارنة الأديان والمذاهب، أن غسيل الأموال الحرام يكون ذلك بالتخلص منها بالكلية او بالجزء المحرم منها وذلك عن طريق اعادة الأموال إلى أصحابها، او تعويضهم عما دخل في أموالهم من الغش والخداع والنقص، واصلاح البيوع الفاسدة وتصحيح المعاملات السيئة وأساس ذلك كله التوبة النصوح ان الغسل الحقيقى يعنى النظافة والتطهير وأن ذلك ينطبق على الأموال الحلال بإخراج الحقوق الواجبة منها في مواقيتها الشرعية ومقاديرها الشرعية، كما ينطبق على الأموال الحرام بالتخلص منها إن كانت كلها حراما أو بالبعض المحرم منها إن اختلط الحلال بالحرام وبإعادتها لأصحابها إن كان أصحابها معروفين فإن لم يكونوا معروفين فبالتصدق منها في جهات الخير. ومع ذلك يكون الاستغفار والتوبة والندم على تحصيل المال الحرام ومعاهدة الله تعالى على عدم العودة الى ذلك أبدا كما أن على ولى الأمر إذا عرف بهذا المال الحرام أن يصادره وأن يعزر من يكتسبه بما يناسب أما إن تاب وأناب وأعاد الحقوق إلى أصحابها وتخلص من الحرام فذلك خير.وقال زين العابدين المخزومى ويعمل (معلم الفقه وأصوله بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت) : لا شك في حرمة هذا النوع من التصرفات المالية، لتحمله على العديد من الصور المحرمة من الإعانة على الشر والإفساد في الأرض والغش والربا. ولذلك وجب على المسؤولين والناصحين محاربة (تسويد الأموال) كما أحب أن أسميه.