الحياة ليست طُرقاً مفروشة بالورود ومساراتها ليست ممهدة وسهلة العبور ،كما أن مسالكها صعبة حد القسوة ويحتاج المرء فيها إلى كثير من الإرادة والتصميم والهمة العالية لبلوغ أهدافه وغاياته . والناس فيها بين من رضي من الغنيمة بالإياب وبين من تعثر مع أول اختبار حياتي حقيقي وبين من جعل من كل مشكلة سلَّماً يرتقي به ومن خلاله الى الأفضل ومن كل عقبة مصعدا يصعد به الى آفاق التفوق ويحلِّق به إلى أعلى مدارج الناجحين . وقد يكون الفشل نقطة الانطلاقة القصوى لمبادرات لا تحدّها حدود الزمان والمكان ولا يخفى أن كثيرا من العظماء والمبدعين والعباقرة والنابغين والمخترعين الذين قدّموا للبشرية اكتشافات ونظريات وابتكارات كانوا يوما ما مثار سُخرية من أقرانهم أو اساتذتهم او مجتمعهم، ولكن ذلك لم يفت في عضدهم بل ولّد ذلك الضغط انفجارا معرفيا ومعلوماتيا عمّت نتائجه الإيجابية النافعة العالم بأسره . كنت أقرأ سيرة العديد من رجال الأعمال الناجحين في المنطقة الشرقية الغريب أن هناك صِفة مشتركة وسِمةً بارزة في حياة أغلبهم ،وهي أنه في مسيرة حياتهم تعرضوا لخسارة فادحة حد الإفلاس وبعضهم أصبح مفلسا ومديونا ،ولكنه رغم ذلك لم تجعله هذه الخسارة يتوارى أو يهرب بل واجه الخسارة بقلب قوي وتصميم لا يعرف المستحيل فاستطاع أن يعوض خسارته في وقت قياسي وأصبح ممن يشار إليهم بالبنان . وقصص النجاح التي تنبع من الفشل كثيرة و أكثر من أن تعد وتحصى، ولقد استوقفتني قبل أسبوع قصة ذلك الشاب المتفوق الموهوب الذي يتميز بالفطنة والنباهة والذكاء ،هذا الشاب الذي درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ولكنه رغم حدّة ذكائه لم يكن مباليا بدراسته الجامعية الصارمة والمركزة ووجد أثناء دراسته فرصة للالتحاق بالعمل في ارامكو ضمن برنامج التدرّج الوظيفي لخريجي المرحلة الثانوية فخرج من الجامعة والتحق بهذا البرنامج . وكان نطاق عمله - بعد سنتين من التدريب - في مجالي التشغيل والصيانة فعمل في إحدى محطات السفانية بنظام النوبات في ساعات عمل طويلة وشاقة ،وهو في عمله ذاك كان يشاهد زملاء له من المهندسين من خريجي الجامعات في الداخل والخارج وهم يتمتعون بمميزات وظيفية عالية ويقومون بوظائف إدارية ومهام إشرافية وهو يعمل في أعمال ميدانية مرهقة، على أن الأمر الذي كان يزيده ألَماً وهمّاً معرفته أنه لن يتمكن من الوصول إلى المستوى الأول من درجات زملائه الوظيفية العالية حتى ولو عمل خمس وعشرين سنة . وبعد مضي أقل من سنة وفي ذات مساء وبعد يوم آخر من العمل المرهق عاد إلى غرفته وجسمه وملابس عمله تغطيها بُقع الزيت والشحوم ،جلس يقارن بين إهماله في دراسته الجامعية الذي كان نتيجته هذا العمل المضني وبين مهندسين يراهم يوميا ويرى نفسه بينهم، فهو لا يقلّ عنهم إنْ لم يتفوق عليهم في دراسته الجامعية السابقة ، فما كان منه إلا أن قدّم استقالته من عمله وعاد الى دراسته الجامعية ، المفاجأة الأولى أنه حين عاد الى غرفته في السكن الجامعي كان يحمل في حقيبته (البدلة ) التي تغطيها البقع السوداء من كل جانب فعلّقها في الجدار المقابل لسريره وطاولته ، وكان ينظر اليها في دخوله وخروجه ويركّز نظره عليها كلما أصابه قصور أو فتور في دراسته، فتكون كالوقود الذي يشعله حماسا وتصميما، ويدفعه ويحركه كطائرة نفّاثه تسابق بسرعتها الصوت ، هذا الشاب هو الآن من المهندسين المرموقين في إحدى أكبر الشركات في المملكة . يعجبني من يجعل من الفشل نجاحا ومن السقوط نهوضا واستمرارا في الركض لبلوغ الهدف ويسوؤني أولئك الضعفاء الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب بعد أول فشل ، ولكن لماذا نسميه قصورا او فشلا ؟! أليس من المستحسن أن نسميه فرصة للنجاح والتميز والعطاء وكثير ممن استغل الفرص بعد توقف كانت تلك الفرصة حظا قادما وتوفيقا مستقبليا له بل إن كثيرا من هؤلاء حينما يتذكر لحظات التوقف والانتظار في حياته يدين لها بالفضل بعد الله عز وجل فيما وصل إليه، لقد كانت فُرصا حقيقة غيّرت مجرى حياتهم إلى الأفضل . كنت أقرأ سيرة العديد من رجال الأعمال الناجحين في المنطقة الشرقية الغريب أن هناك صِفة مشتركة وسِمةً بارزة في حياة أغلبهم ،وهي أنه في مسيرة حياتهم تعرضوا لخسارة فادحة حد الإفلاس وبعضهم أصبح مفلسا ومديونا ،ولكنه رغم ذلك لم تجعله هذه الخسارة يتوارى أو يهرب بل واجه الخسارة بقلب قوي وتصميم لا يعرف المستحيل فاستطاع أن يعوض خسارته في وقت قياسي وأصبح ممن يشار إليهم بالبنان . وعجبا لأولئك الكسالى أصحاب النفوس الخاوية الضعيفة كيف يقرؤون و يسمعون ويرون كل هؤلاء الناجحين وهم لا يزالون يعيشون في أوحال الفشل؟. twitter: @waleed968