كنت من الذين استبشروا خيرا، بتعاقد اتحاد الكرة مع المدرب الكبير، فرانك ريكارد، وقلت حينها: هذا المدرب سيعيد أمجاد المنتخب السعودي، وسينقل كل تجربته الاحترافية الأوروبية لنا، وسنقدم معه مستقبلا مختلفا حافلا بالانتصارات والانجازات. فرانك ريكارد، اسم مهم في عالم المستديرة، هذا الأمر لا يختلف عليه اثنان، لما يملكه من سجل رياضي حافل، وهو يعتبر من أشهر خمسة مدربين في العالم، ووجوده في الكرة السعودية كمدرب، سيضيف لها بلا شك، ولأننا كنا نبحث عن التغيير حتى نحصد نتائج كبيرة، قياسا بما نملكه من امكانات وقع الاختيار عليه، وهو يتوافق مع طموح المسئولين والشارع الرياضي، لم أجد حينها من يشكك في قدرات هذا المدرب، بل الجميع كان يثني على استقطابه والتعاقد معه، واعتبروها ضربة معلم، رغم المبالغة في قيمة عقده مع اتحاد الكرة؛ لأن حجم الاسم أبهر الجميع، وكانت المفاجأة كبيرة، لأن نجما عالميا ومدرب برشلونة السابق، بحجم فرانك ريكارد، هو من سيدرب منتخبنا، كنا نعتقد أنها أولى خطوات التصحيح. مضت الأيام، وبدأت مهمة ريكارد مع الكرة السعودية، التي لا تقتصر على تدريب المنتخب فقط، حسب ما فهمنا من المسئولين حينها، بل انه سيكون مسؤولا مسؤولية كاملة، عن كل المنتخبات السعودية، وسيكون له رأي نافذ، في المسابقات المحلية وطريقة إدارتها، لأنه رجل خبير، ويجب أن تكون الاستفادة منه بحجم تلك الخبرة، وأيضا بحجم ما يتقاضاه من مبالغ مالية. لم نكن نتخيل وقتها، أن هذا الخبير، سيبتعد بكل خبرته عن أداء الواجبات الموكلة إليه بموجب العقد، تجاه كرة القدم السعودية، تلك هي الحقيقة، التي اكتشفناها ربما متأخرين، بعد أن استطاع أن يخدع الجميع، من خلال تاريخه، وحاجة المنتخب السعودي لمدرب قبل فوات الأوان، لأن الوقت في تلك الفترة، كان مهما وحساسا؛ فالمنتخب مقبل على استحقاقات مهمة، لعل من أهمها التصفيات المؤهلة لكأس العالم، فقام بتمرير شرط جزائي، مستغلاً تلك الحاجة، وضعف مستوى المفاوض، الذي لم يجد بُدًّا من قبول كل شروطه، حتى يخرج للإعلام السعودي بخبر الموسم، وهو إنهاء التعاقد مع ريكارد، كمدرب رسمي للمنتخب السعودي . لا يمكن أن نرمي باللائمة على من تعاقد معه، ونحمله المسؤولية كاملة، ففي هذا ظلم له؛ لأنه اجتهد وقدم اسما كبيرا لتدريب المنتخب السعودي، بل على العكس تماما، فوصوله للتعاقد مع ريكارد، يعتبر نجاحا إداريا يحسب له، ولا يمكن أن يتنبأ بفشله، وهو يحمل سيرة وخبرة مميزتين، فهو إذن ناجح عالميا، لذلك لم يكن الخلل في من تعاقد معه..!، الخلل كان في المدرب نفسه، الذي اعتبرها تجربة فاشلة من البداية، لأنه يرى أن كرة القدم في الشرق الأوسط، بعيدة عن المستوى الأوروبي، وتحتاج إلى مجهود كبير، وهو لا يملك الرغبة بالعمل، كل ما في الأمر، أنه وجد عقدا يسيل له اللعاب، ووضع الشروط التي يريدها، وحصل على ما يريد، وسيعمل على تجاوز الفترة الزمنية بأية طريقة، حتى تنتهي فترته المتفق عليها، أو يتم إلغاء عقده، ويتمكن من الحصول على الشرط الجزائي، فهو يعلم جيدا، أن العرب اشتهروا بإقالة المدربين، بعد أي إخفاق يحدث لمنتخباتهم أو أنديتهم. نجح ريكارد فيما أراد، دون أن يقدم أي شيء للكرة السعودية، بل على العكس تماما، لقد ذهب بكرتنا إلى أدنى مستويات التصنيف العالمي؛ فلم يسبق لمنتخبنا طوال مسيرته الكروية، أن وصل لهذا الترتيب المحبط عالميا. بعد أن انكشف عمل ريكارد، وأصبحت الحقيقة الآن أمام الجميع واضحة، وتيقنا جميعا، أن هذا المدرب جاء من أجل المال فقط، ولا يريد أن يعمل، بل إنه يُدفع دفعا ليقوم بما يجب عليه فعله، ولعل بطولة العرب الأخيرة، التي رفض أن يشرف على المنتخب فيها، وأسند المهمة لمساعديه، خير دليل على هذا الأمر، قبل أن يتدخل المسئولون لإقناعه بالتواجد وتدريب المنتخب. لهذا يجب أن تكون هناك محاسبة، وتقديم تقارير واضحة، متضمنة كل التفاصيل عن أداء المدرب، ومن ثمّ اتخاذ القرار المناسب، فإن كان القرار بالإبقاء عليه، يجب أن يحاسب وفق النتائج السيئة، التي كان يقدمها المنتخب، منذ تم التعاقد معه، وإن كان القرار إنهاء التعاقد معه بتراض، فلتكن محاولة الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر، وهذا ما نتمناه، أن يكون الأمر أقل ضررا نسبيا، والبحث عن مدرب آخر، يريد أن يعمل، ويقدم مع المنتخب السعودي نتائج مرضية . التعاقد مع ريكارد لم يكن خطأ، الخطأ كان في عدم متابعة عمله، ومناقشته في كل شيء، وكان يفترض مع كل إخفاق يحدث للمنتخب السعودي، تتم محاسبته، حتى يدرك جيدا، أن كرتنا أهم بكثير من تاريخه، ويجب أن يعمل على تقديم عمل مرض، تكون نتائجه واضحة. ودمتم بخير ،، [email protected]