امتنع رجال الأعمال السعوديون الذين يديرون شركاتهم في قطاع المقاولات عن التجاوب مع قرار وزارة العمل المتعلق بزيادة الرسوم على العمالة الوافدة إلى 2400 ريال سنويا، على الرغم من أن القرار دخل حيز التنفيذ منذ يوم الخميس الماضي، مؤكدين أنهم سيرفعون يوم غد الأربعاء مذكرة «احتجاج» للاعتراض على هذا القرار. وجاءت قرارات الامتناع بحسب معلومات نشرتها صحيفة الشرق الأوسط أمس، عقب اجتماع طارئ عقد مساء أول من أمس في العاصمة «الرياض»، بهدف الاتفاق على صيغة مذكرة «احتجاج» سيتم تقديمها للاعتراض على قرار وزارة العمل المتعلق بزيادة رسوم العمالة الوافدة من 100 ريال إلى 2400 ريال سنويا. ووفقا لمعلومات تسربت ل«الشرق الأوسط» أمس، فإن رؤساء لجان قطاع المقاولات في الغرف التجارية والصناعية السعودية اتفقوا خلال اجتماعهم مساء أول من أمس على الامتناع عن دفع الرسوم الجديدة للعمالة الوافدة، إلى حين تراجع وزارة العمل عن قرارها، وإعادة الرسوم إلى سابق عهدها عند مستويات 100 ريال للعامل الواحد، ملوحين في الوقت ذاته بإمكانية أن يقود القرار إلى إغلاق شركاتهم وتسريح موظفيها. وفي هذا السياق، أكد فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين أن قرار الامتناع عن دفع الرسوم جاء بالإجماع، وقال في حديثه ل«الشرق الأوسط»: «لن يقوم المقاولون بدفع الرسوم الجديدة نظرا لأنها رسوم مالية مبالغ فيها، وتضر الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير جدا». وشدد الحمادي خلال حديثه على أن الرسوم الجديدة قد تدفع كثيرا من الشركات إلى الإغلاق وتسريح موظفيها، وقال: «نسبة من موظفي شركات المقاولات سعوديون وفقا لبرنامج (نطاقات)، ولكن النسبة الأكبر منهم عمالة وافدة، نظرا لطبيعة العمل في هذه الشركات». ودعا الحمادي خلال حديثه، وزارة «العمل» إلى إلغاء القرار وإخضاعه للدراسة، مؤكدا على أن جميع المؤثرات التي ستنطلق من تبعات القرار ستكون «سلبية» على الشركات، والمواطن في الوقت ذاته. وأشار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين إلى أن قرار وزارة «العمل» المتعلق بزيادة رسوم العمالة الوافدة، سيزيد من نسب «التضخم» في البلاد، مضيفا: «معدلات التضخم في ارتفاع، ومثل هذا القرار سيقفز بها إلى نسب أكبر، مما يضر وبشكل كبير بمصلحة المواطن في نهاية الأمر». من جهة أخرى، يعتزم مجلس الغرف السعودي الأسبوع المقبل تقديم ملف كامل إلى وزير العمل المهندس عادل فقيه، يحتوي أبرز السلبيات التي سيقود إليها قرار زيادة الرسوم على العمالة الوافدة، وسط معلومات تؤكد أن موعد تقديم هذا الملف من المرجح أن يكون يوم الأحد المقبل على أقصى تقدير. وكانت وزارة «العمل» قررت الأسبوع الماضي فرض رسوم جديدة على شركات القطاع الخاص العاملة في البلاد، والتي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة على الموظفين السعوديين؛ حيث ستستقطع نحو 200 ريال شهريا، عن كل عامل وافد مضاف على عدد الموظفين السعوديين العاملين في الشركة. ويأتي القرار في وقت تسعى فيه «العمل» نحو رفع مستوى توطين الوظائف في القطاع الخاص، وهو الأمر الذي يعني أن الوزارة ستعمل خلال الفترة المقبلة على إصدار مزيد من القرارات المتعلقة بفتح مزيد من الفرص الوظيفية أمام الشباب السعودي. وفي ظل هذا التحول الجديد، أكد المهندس عادل فقيه وزير العمل السعودي في رده على سؤال «الشرق الأوسط» خلال مؤتمر صحافي عقد في العاصمة الرياض الثلاثاء الماضي، أن وزارته ستسن أنظمة جديدة من شأنها التحفيز على توظيف السعوديين في حال عدم نجاح القرار المتعلق بفرض رسوم جديدة على الشركات التي لديها عمالة وافدة يزيد عددها عن السعوديين. وحول حجم الرسوم المستقطعة على العمالة الوافدة، أكد المهندس فقيه أن الوزارة قررت تخصيص مبلغ ال200 ريال شهريا بهدف تشجيع القطاع الخاص على توظيف السعوديين من جهة، والاستفادة من هذه المبالغ في صندوق تنمية الموارد البشرية من جهة أخرى. وأشار فقيه إلى أن المبالغ المستقطعة من العمالة الوافدة سيتم الاستفادة منها بتدريب وتأهيل الشباب السعودي للعمل، وقال «إذا افترضنا أن هنالك شركة لديها 10 موظفين سعوديين و15 عاملا أجنبيا، فإن عليها دفع رسوم 5 عمال أجانب بمقدار 200 ريال عن العامل الواحد». إلى ذلك، كشف دراسة اقتصادية حديثة، أن 27 شركة في سوق الأسهم السعودي ستتأثر بتطبيق قرار وزارة العمل السعودية بفرض مقابل مالي على العاملين الأجانب وفقا لمعدلات ونسبة السعودة المعلنة لديها ويقدر أن تدفع سنويا نحو27 مليون دولار، بينما لن تتأثر31 شركة بالقرار. ووفقا للدراسة التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها فإن قطاع المقاولات سيكون الأكثر تضررا بسبب العجز في نسبة السعودة لدى القطاع نظرا لعدم توفر الأيدي العاملة الوطنية التي تفضل العمل في القطاع، خاصة الأعمال المساندة في مشاريع المقاولات والتي يندر إقبال المواطنين السعوديين عليها. مما دفع شركات القطاع إلى رفع نسبة السعودة من خلال توظيف الإداريين للخروج من الإجراءات التي تفرضها وزارة العمل بشأن توظيف السعوديين والتي تضع الشركات في ثلاثة نطاقات مختلفة الأمر الذي يتبعه سلسلة من العقوبات تتمثل في منع الشركة من الاستقدام وخفض نسبة التأشيرات. وعاد فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية بالقول إن تطبيق قرار وزارة العمل جاء بشكل مفاجئ وغير مدروس وفي توقيت غير دقيق، خاصة أن قطاع المقاولات هو الأكثر تأثرا بتطبيق القرار فهو يواجه عجزا في العمالة الوطنية المؤهلة والتي ترغب العمل، إضافة إلى أن أعمال المقاولات والصيانة والتشغيل مرتبطة بعقود تصل إلى عدة سنوات.