المصريون، بطبعهم، يذوبون شوفونية بأنفسهم وتاريخهم و(فراعينهم) السابقين واللاحقين، إلى درجة أنك لو قلت، حتى في ظل حكم الإخوان والسلفيين، بأن (توت عنخ آمون) ليس مصريا لنتفوا لحمك وهشموا عظمك وسحلوا مدركاتك الذهنية. وإذا كان لحمك بدويا مثل لحمي فسوف يطبخونك، كما فعلوا أكثر من مرة، في قدر الحفاة العراة رعاء الشاه الذين يتطاولون في البنيان في الرياض ودبي والدوحة. أما لو قلت إن مصر هي أرض البركات المنزلات وأهلها وشيوخها وكتابها هم صفوة الله من خلفه فستكون، مهما صغرت مواهبك العلمية، ملء سمع وبصر الإعلام المصري، الذي لا يطأ أراضيه ولا استوديوهاته غير المصريين ومن والاهم، بالقول والفعل، من أبناء الشعوب العربية الأخرى. ولذلك أحب المصريون الشيخ محمد العريفي وأبلغوه منبر عمرو بن العاص.!! إنه الصوت الخليجي والسعودي المطلوب هذه الأيام. ذلك الصوت الذي يغازل الإخوان وحكمهم ويمالئهم ويدغدغ عواطفهم وبواطن مشاعرهم. وهو، أي الشيخ، عرف من أين تؤكل كتف إعلامهم وأزهرهم وجمعتهم فأعطاهم ما أرادوا، بل وربما زاد على ذلك بجعل مصر استثناء تاريخيا إسلاميا لا تدانيه أية بقعة أخرى. وهذا يفسر تلك (الغرائبيات) من تصريحات بعض المصريين وكتاباتهم التي طالبت بتعليب خطب العريفي وتوزيعها على المدارس والجامعات وأماكن صنع القرار والشيوخ المصريين ليتعلموا منها، فهل يجوز أن يتعلم المصريون من العريفي، مع التقدير الكامل لاجتهاده ومواهبه العلمية؟ هل دفنت معلقات وكتب وموروثات رفاعة الطهطاوي والإمام محمد عبده والشيخ محمد الغزالي والشيخ الشعراوي وكل الرواد والأئمة المصريين (الأكبر) لحساب خطبة محمد العريفي؟! هل تريدوننا أن نصدق ذلك ونخالف عقولنا ونجافي منطق الأشياء؟ إذا كان المتحدث مجنونا فالمستمع عاقل كما يقولون، والعقل يقول إن المسألة محض ذكاء من الطرفين: العريفي والإخوان. هو يريد أن يسجل حضورا مضادا للخليج الذي لم يعد يقبل ظهوره الإعلامي وأفكاره، وهم استغلوا الموقف ليسوقوا بضاعة سياسية دينية جديدة. كلاهما مستفيد، ونحن من يقول: «ما يمدح السوق إلا من ربح فيه!!». تويتر: @ma_alosaimi