يعاني معظم سكان الأحياء السكنية بمناطق المملكة من قلة الحدائق والمتنزهات التي يمكن من خلالها للسكان تمضية أوقات إجازاتهم وعطل نهاية الأسبوع بعد الاعتداء على العديد منها وتحويلها لغير ما خصصت له والمتاجرة بها خاصة وأن بلديات أمانات المناطق الفرعية هي المسئولة في مسألة التعدي على الحدائق العامة من قبل أشخاص أو مؤسسات خاصة. ومع ذلك ما زال البعض من الحدائق تستغل من قبل المعتدين بعد إقامة مشروعات سكنية أو تجارية أو تأجيرها على شركات الاتصال متجاهلين بذلك الأوامر والتعليمات التي أصدرتها الجهات العليا في تخصيص هذه المسطحات الخضراء للمتنزهين وتسعى الجهات المختصة من إمارات المناطق وأمانات المدن إلى استرداد هذه المواقع التي تعود أملاكها للدولة. لا يتم مراقبة الأراضي البيضاء المخصصة للحدائق والتي أقرتها التنظيمات الجديدة لوزارة الشئون البلدية والقروية قبيل اعتماد المخططات السكنية بفرض توفير 34 بالمائة من إجمالي مساحة المخطط كحدائق عامة ومرافق خاصة لخدمة السكان وفي التنظيمات الجديدة التي أقرتها وزارة الشئون البلدية والقروية على ملاك المخططات والمستثمرين بها قبيل اعتماد مخططاتهم ضمن المخططات السكنية بفرض توفير 34 بالمائة من إجمالي مساحة المخطط المراد اعتمادها كحدائق عامة ومرافق خاصة لخدمة سكان أهالي المخطط ولكن حال اعتماد المخطط يتم تحويل هذه النسبة إلى أملاك خاصة الأمر الذي دعا تجار العقار إلى استغلال هذه المساحة وبيعها على مواطن يكون ضحية لعقوبات الجهات المختصة والمسئولة عن تعديات الأراضي . في إطار ذلك كشفت «اليوم» من خلال تحقيقها الصحفي بأن عدد الحدائق والمسطحات الخضراء بمحافظة جدة بشكل عام يفوق عدد الحدائق في المنطقة الشرقية ومنطقة الرياض وبالتالي فان نسب التعديات وفقا لمصادر عقارية على هذه المساحات مرتفع في المدينة الساحلية نتيجة عدم تهيئة هذه المساحات من قبل أمانة جدة كون أغلبها خصصت للمواقف ورمي النفايات ولم تخصص رسمياً لزراعة مسطحات خضراء يستفيد منها المتنزهون وسكان الأحياء السكنية كون نسبة العمران والمباني السكنية تغطي مساحات مدينة جدة. البلديات سبب التعديات على الحدائق أكد مدير الإدارة العامة للحدائق بأمانة جدة سابقاً وأستاذ كلية الزراعة بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور بهجت حموة مسئولية البلديات الفرعية بأمانات المدن بشكل مباشر عن التعدي على الأراضي البيضاء التي تحت التخطيط لإنشاء مسطحات خضراء خاصة التي لم تنفذ في نطاق الأحياء السكنية القديمة والجديدة. ووصف الدكتور بهجت خلال حديثه ل «اليوم» الأشخاص والمؤسسات الخاصة بالمتاجرين بهذه الأراضي وبيعها على المواطن نتيجة ضعف ثقافته وعدم وعيه إضافة إلى عدم وعي السكان حول الأراضي المخصصة للمسطحات الخضراء بان هذه الأراضي خصصت لهذا الغرض. وكشف الدكتور حموه بان حدائق جدة يفوق عددها عن منطقتي الرياضوالشرقية وترتفع معدلات التعدي على هذه الأراضي في المنطقة التي يرتفع بها عدد الأراضي المخصصة للمسطحات الخضراء ومن المفترض أن يتم مراقبة هذه الأراضي من قبل البلديات الفرعية بشكل أسبوعي وأن يحاسب المراقب عن أي تعديات كون وظيفته متخصصة في مراقبة أملاك الدولة. وأضاف :» الأراضي البيضاء المخصصة للحدائق لا يتم تنفيذ أي زيارات متكررة لها وبالتالي تصبح سهلة وتقع تحت يد السطو والتعدي عليها وبيعها بعيداً عن أعين الرقابة الحكومية مشيرا إلى أن عدد الحدائق بمدينة جدة الساحلية تتجاوز 600 حديقة عامة وتتمثل مساحاتها ما بين مساحات صغيرة وكبيرة». واعتبر الدكتور بهجت الحديقة العامة مهمة جداً من الناحية الاجتماعية فقال :» من شأنها أن تجمع أهالي الحي وتوطد العلاقات الاجتماعية فيما بينهم وعلى مختلف الأعمار ، مع أن البعض من الزوار يخطئ في التصرف مع المرافق العامة كالكتابة على الجدران والكراسي والمشي على المسطحات الخضراء وإتلافها والعبث في النباتات وهذا ما دفع الإدارة مؤخراً إلى إيجاد وحدة التفعيل الاجتماعي للحدائق الهادفة إلى تفعيل الدور الرقابي الاجتماعي نحو الحدائق عن طريق العمد ومراكز الأحياء ووزارة التربية والتعليم ودعا الجهات المذكورة إلى تفعيل الدور التنظيمي لهذه الحدائق حتى تستغل في أمثل صورة». تخصيص 90 بالمائة من مساحة مراكز الأحياء للمسطحات الخضراء أكد الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء بمحافظة جدة المهندس حسن الزهراني ل «اليوم» وجوب تطبيق توجيهات محافظ جدة الرئيس الفخري لجمعية مراكز الاحياء الأمير مشعل بن ماجد بإنشاء مقار نموذجية للمراكز في أكثر من 110 أحياء سكنية شريطة أن تخصص من مساحاتها 90 بالمائة منها لإنشاء مسطحات خضراء وحدائق عامة تكون مخصصة للسكان على جميع مناطق المملكة , بعد غياب هذه المسطحات في العديد من أحياء جدة وطمسها من المخططات السكنية المعتمدة من وزارة الشئون البلدية والقروية. وقال المهندس الزهراني : «إننا بدأنا فعلياً في تنفيذ التوجيهات وإنشاء بعض المقرات النموذجية في عدد من الأحياء السكنية وتخصيص مساحاتها لمسطحات خضراء كون الجمعية لديها رؤية وإستراتيجية تأتي تنفيذاً لتطلعات أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل وذلك لبناء الإنسان وتنمية المكان والمشاركة المجتمعية وأن تكون مؤسسة عصرية البناء المؤسسي تهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية والمساعدة في تقديم الحلول». وذكر :»ان الجمعية وقعت مؤخراً عددا من مذكرات التفاهم مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة بهدف تبادل الخبرات والتعاون في تنفيذ برامج منوعة لسكان الأحياء تشمل برامج التوعية من المخدرات، وبرامج تنظيف الشوارع والكورنيش من المخلفات، وبرامج تعليم الإسعافات الأولية، وبرنامج إصلاح ذات البين الذي ساهم في حل الكثير من المشاكل بعيدا عن مراكز الشرطة والمحاكم، بل إن الجمعية ساهمت في سحب شكاوى وإنهاء نزاعات منظورة أمام القضاء وحلها صلحا، وجميع تلك البرامج تنفذ بالتعاون مع الجهات المختصة، كما نظمت ست ورش عمل هادفة ومنوعة خلال العام المنصرم». التحقيق في قضايا التعديات على الحدائق كشف الناطق الإعلامي باسم أمانة جدة الدكتور عبد العزيز النهاري عن وجود لجان مختصة من المحافظة وأمانة جدة تعمل على التحقيق في قضايا التعديات على الحدائق العامة والأراضي البيضاء المخصصة في مخططات جديدة ، فقال :»ان لدى اللجان أجهزة متطورة تعمل على كشف أي تعديات عبر ارتباط هذه الأجهزة بالأقمار الصناعية». وأبان :» لدى الأمانة عدد كاف من المراقبين في البلديات الفرعية التابعة لأمانة جدة لتغطية الأراضي البيضاء والإشراف على ما يتم بناؤه بعد إصدار تراخيص البناء الصادرة من الجهات المختصة وأمانة جدة ومعرفة حالة الأرض المزمع إقامة البناء فيها». وأشار إلى أن اللجان المختصة المشكلة من الأمانة والمحافظة دائماً تعقد اجتماعاتها لكشف المواقع المعتدي عليها إضافة إلى النظر للشكاوي الواردة للأمانة ومعرفة حالة الأرض المعتدي عليها.