يوم الثلاثاء الماضي كنت أتحدّث مع أحد الزملاء فسألني، ماذا فعلت البارحة فقلت: كنت مجتمعًا مع بعض الزملاء في لقاء شهري على العشاء فقال: «علشان رأس السنة؟» فقلت لا طبعًا بل نحن نجتمع كل اثنين من آخر كل شهر ولم يكن لرأس السنة أي وجود لدينا. في اليوم التالي سألني شخص آخر نفس السؤال ولاحظت كثيرًا من الناس يتداولون هذا السؤال اكثر من تداولهم في أعيادنا. مجرد التفكير في هذا الموضوع أجد كلمات تطرق أذنيّ دائمًا في كل مرة وهي كلمات وزنها أغلى من الذهب قالها خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب «رضي الله عنه وأرضاه» حين قال: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله» العزة بالإسلام هي شرف تكرّم الله «سبحانه وتعالى» به علينا وتفضل، والعزة تتَرجم بالأقوال والأفعال والملبس والمظهر والتعامل وفي أي زمان وفي كل مكان، لم تكن يومًا ما العزة بالإسلام بالاحتفال بأعياد أديان أخرى وعقائد باطلة وناقصة، ومن يعلق ذلك على وجودنا في عصر التكنولوجيا والعولمة والتقارب فهذا يضحك على نفسه، فالتقارب مطلوب في كل شيء، نعم إلا في الدين لأن الدين واحد فقط وغيره باطل، فبالتالي التقارب يكون بين شيئين وليس بين الشيء ونفسه. يقول الله «سبحانه وتعالى» في القرآن الكريم: «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» والنص هنا واضح وصريح أي أن الإسلام هو الدين الصحيح والكامل فقط وغيره الباطل والناقص، فكيف نحتفل بغيره ونعتبر ذلك تقدُّمًا ورقيًّا ومواكبة للتقدّم والحضارة؟. التقدم والحضارة منبعهما الاسلام الذي وصل لأقطار الارض من مئات السنين ولم يكن حينها تكنولوجيا ولا عولمة ولا يحزنون فكيف الآن؟ وهذا دليل دامغ وقاطع أن الاسلام هو الدين المثالي والصحيح والسليم الكامل الخالي من أي نقص.التقدّم والحضارة منبعهما الإسلام الذي وصل لأقطار الأرض من مئات السنين ولم يكن حينها تكنولوجيا ولا عولمة ولا يحزنون.. فكيف الآن؟ وهذا دليل دامغ وقاطع على أن الاسلام هو الدين المثالي والصحيح والسليم الكامل الخالي من أي نقص، الصالح لكل زمان ومكان حتى يرث الله الأرض ومَن عليها، فالإسلام ديني وعزتي وبالتالي بغيره «لن أفرح». حين أتكلم عن مثل هذا الموضوع أتذكّر أناسًا كانت لهم بصمة واضحة علي، أحدهم هو شيخنا الشهم الهمام «سلطان العويد» غفر الله له ورحمه وجعل الفردوس داره وجزاءه، هذا الشهم الذي اتخذ من العزة في الدين رسالة ومنهجًا، عرفته وانا صغير في الثاني المتوسط حينها قال لي والدي لنصلّ التراويح مع امام جديد تلاوته طيبة، اسمه «سلطان العويد»، وكنت أذهب معه وأصغي لكل دروسه، بعدها أتى ليحاضرنا في الثانوية وينصحنا عن الانجراف في كل ما يؤثر على الشباب من تدخين واصدقاء سوء وفتن وكنا كلنا نصغي إليه، كلماته سهلة وواضحة ورنانة تجعل المستمع يحفظها عن ظهر قلب، حتى طبقات صوته كانت هادئة ومؤثرة، وكأننا نقرؤها ولا نسمعها. اتصل بي «رحمه الله» معلقًا على مقال لي قبل أشهر وشرّفني والله بذلك الاتصال ثم أرسل لي رسالة كتب فيها حرفيًّا: «جزاك الله خيرًا.. مقال أصيل من كاتب أصيل في زمن كثر فيه المنتكسون»، ثم دعا لي وقال: «زادك الله علمًا وهدى وثباتًا في الدنيا والآخرة، وجعلنا جميعًا من أنصار الله» والله لا أقولها مدحًا ولا رياء ولكنها شهادة تشرّفت بها من شخص عرفته وانا صغير حتى كبرت، من خير من نقتدي ونتشرّف به، بعدها طلب مني الحضور لمنزله مع والدي ووعدته بذلك في أقرب فرصة لي وله، ولكن جاء أمر الله، فاللهم لا اعتراض، نعم الرجل ونعم خاتمته التي جاءت بعد زيارة خير البقاع وأطهرها، وجنازة صلى عليها الآلاف ومثلهم من لم يستطيعوا الوصول للمقبرة من شدة الزحام. أبشر أبا أحمد بفضل من الله وجزاء خير الجزاء، فألوف دعوا لك وصلوا، ورب رحيم غفور يسمع ويجيب، جعل الله الجنة مكانك، وإن رحلت جسدًا فتأكد انك بعلمك وخُطبك ودروسك في قلوبنا «لن ترحل»... ألقاكم الجمعة القادمة، في أمان الله. Twitter:@Majid_Alsuhaimi