استكمالا لما تم التطرق إليه في المقالين السابقين، سوف نختتم مقالنا لهذا الأسبوع بالقول إنه بالرغم من أهمية العلاقة ودرجة الارتباط بين القيمة الدفترية، والتي تمثل نصيب السهم الواحد من صافي أصول الشركة، أو إجمالي حقوق الملكية، والسعر السوقي للسهم ومدلولات ذلك في التحليل المالي، إلا أنه لا يعد ذلك مقياسا دائما لمدى جاذبية الاستثمار بالشركة . حيث قد ترتفع درجة الارتباط بين القيمة الدفترية والسعر السوقي للسهم بسبب تحقيق الشركة لبعض الخسائر أو بسبب بيع الشركة لبعض أصولها. ولذا فإنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تحديد السعر السوقي المناسب للدخول في أسهم شركة ما يمثل في الواقع عملية بالغة الصعوبة والتعقيد، وذلك لأن السعر السوقي في أغلب الأحوال لا يمثل بالضرورة السعر العادل أو القيمة الحقيقية للسهم المراد الدخول به. في حالة الأسواق المالية ذات الكفاءة العالية، والكفاءة العالية فقط، فإن السعر السوقي لأسهم شركة ما يمكن أن يستخدم كتلسكوب أو منظار نستطيع أن نرى من خلاله ما يجري داخل أروقة الشركة. وكما أشار المستثمر الفذّ وارن بافيت Warren Buffet للتفريق بين السعر والقيمة بقوله إن السعر يمثل ما تدفعه للحصول على السهم، في حين أن القيمة تمثل ما تود الحصول عليه. كذلك يجب التنويه إلى أننا نعلم أن القيمة الحقيقية لشركة ما لا يجب أن تتغير بشكل آن في حالة الظروف والأحوال الاقتصادية المستقرة، ولكن السعر السوقي يتغير بشكل يومي! ولكن لأن القيمة الحقيقية أو القيمة العادلة غير معروفة على وجه الدقة، وذلك لأسباب كثيرة قد لا يتسع المقام هنا لذكرها، فإن قيمة أسهم الشركة يمكن أن تتحدد بناء على القيمة المستقبلية أو القيمة المتوقعة والمتمثلة في السعر السوقي لأسهمها. أي أن السعر السوقي لأسهم شركة ما لا يمثل بالضرورة القيمة الحقيقية لشركة ما، ولكنه يعد فقط مؤشرا ماليا للقيمة المستقبلية للشركة. وكما أشار بعض الباحثين في هذا المجال الى أنه في حالة الأسواق المالية ذات الكفاءة العالية، والكفاءة العالية فقط، فإن السعر السوقي لأسهم شركة ما يمكن أن يستخدم كتلسكوب أو منظار نستطيع أن نرى من خلاله ما يجري داخل أروقة الشركة. والسؤال المطروح في هذا السياق هو يا ترى أين يقع سوقنا من هذه الأسواق المالية عالية الكفاءة؟ وبشكل أكثر تحديدا هل يمكن لنا أن نستخدم السعر السوقي والذي نعلم جميعا أنه يتحدد في أغلب الأحوال بناء على عوامل غير اقتصادية أو مالية كمؤشر لتحديد القيمة المستقبلية لإحدى شركاتنا المساهمة؟ كما أن من عيوب القيمة الدفترية أنها لا تأخذ في الحسبان القيمة الزمنية للنقود، ولا تتضمن معدلات التضخم في البلد. بالإضافة إلى أن القيمة الدفترية ما هي في حقيقة الأمر إلا نتيجة طبيعية لعملية محاسبية تقليدية تخضع لرغبات وتدخلات إدارة الشركة. وعليه فإنه لا يمكن اعتبار القيمة الدفترية لشركة ما قاع سعري لا ينبغي للسهم الانخفاض دونه.