بمجرد الدخول على برنامج اليوتيوب على الشبكة العنكبوتية ستُفاجأ بحسابات خاصة بأسماء شباب سعوديين، اطلق كل واحد منهم على حسابه اسمًا خاصًا واعتبره بمثابة المحطة التليفزيونية المصغّرة يبث من خلالها حلقاتٍ توعوية وحوارية وناقدة، تتناول هموم وقضايا ومشكلات المواطن والمجتمع السعودي، وتتابع ما في ساحتنا المحلية من مستجدات. ذهبت في جولة استكشافية محاولًا رصد هذه القنوات الانترنتية الخاصة فوجدت التنوّع والتعدّد والتميّز والعجب العجاب، عناوين عديدة لقنوات يتنافس أصحابها من أجل تقديم الأميز والأحدث، وبأسماء مختلفة ك«التمساح وصرقعة وعيش معنا وبلوفي ويا أخي شووت وإيش اللي..» والتقنية بلا حدود، كما وجدتها تحصد نسب مشاهدة عالية جدًا، وكأنها تتنافس فعليًا مع العديد من القنوات التليفزيونية الرسمية، لقدرتها الفائقة على بث الجديد بلمح البصر، ولعدم خضوعها لمقص الرقيب من جهة ثانية، ثم لكونها تتناول هواجس الناس الآنية وفق خطابٍ غير نخوي وغير متعالٍ، وهو ما دفع بها لتكون قنواتٍ ممتعة ومتابعة وناجحة. أيضًا امتازت بحسّها الوطني، وبروحها الباحثة عن الإصلاح في مجالات حياتية مختلفة، فحلقاتها تلامس الاقتصاد والاسرة والرياضة والتعليم والطب، والأهم أن هذا الطرح يتم من وجهة نظر فئة الشباب، مما يجعلنا نقيس مدى وعي شبابنا بما يدور حولهم من قضايا. من يتجاهل منتج الانترنت يحكم على نفسه بالعزلة والتخلف عن الركب، في ظل الجاذبية الكبيرة التي استخوذ عليها حتى بات منافسًا للاعلام الرسمي بل ومهددًا له ولقوته، فهذا سريع وآنٍ وتفاعلي ومدهش، وهذا يكفيه ليكسب الجولة، والمسألة لا تخرج عن كونها احتضانًا لهؤلاء الشباب المتحمّسين، والتوجيه لمواهبهم الفذة، وتبنّي صوتهم وأفكارهم الخلاقة من الجميل أن هذه القنوات اليوتيوبية الخاصة كشفت عن مواهب سعودية شابة، في جانب الذكور والإناث، وفي مجالات الإبداع المختلفة كالتأليف والإخراج وحتى الأداءات الصوتية، وأبانت بشكل لافت عن شباب سعوديين يتعاطون مع الخدع السينمائية إلكترونيًا بصورة مدهشة، فمنحتنا فرصة للكشف عن الصورة المغايرة لشبابنا السعوديين المتهمين بالتبلد واللا مبالاة، فالذي تبيّن لنا أن شبابنا مهمومون بقضايا مجتمعهم السعودي ويرغبون في فرصة للتعبير عن موقفهم ورأيهم منها. وبناء على ما سبق كله فكّرت مليًّا في هذه الجهود التي تبذل وهذه الأموال التي تصرف وهذا الوقت الذي يستنفد، فمن أين لهؤلاء الشباب السعوديين المبدعين حقًا كل هذه الإمكانات لإنشاء محطة تليفزيونية يوتيوبية تبث الحلقات المتسلسلة، وتنتج كل هذه الإبداعات!! فطرأت ببالي فكرة أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بدور إيجابي في هذا الجانب، وهو دور يقع بلا أدنى شك تحت مسؤوليتها وواجبها، ومقترحي أن تخصص وزارة الثقافة والإعلام ضمن ميزانيتها العامة مبلغًا خاصًا يدعم هذه المواهب ويشجّعها، وأن تحتضن الأبرز من هذه المحطات الخاصة ومن يقوم عليها من الشباب، وتتبنى منتجهم وتخصّص لهم اعتمادات مالية في مسار ما تخصّصه لمنتجي المسلسلات والبرامج المختلفة؟ ففي ظني أنه لا مجال اليوم لتجاهل الواقع الإعلامي الجديد الذي يبثه الانترنت، ومن يتجاهل منتج الانترنت يحكم على نفسه بالعزلة والتخلف عن الركب، في ظل الجاذبية الكبيرة التي استخوذ عليها حتى بات منافسًا للاعلام الرسمي بل ومهددًا له ولقوته، فهذا سريع وآنٍ وتفاعلي ومدهش، وهذا يكفيه ليكسب الجولة، والمسألة لا تخرج عن كونها احتضانًا لهؤلاء الشباب المتحمّسين، والتوجيه لمواهبهم الفذة، وتبنّي صوتهم وأفكارهم الخلاقة، وهو مجرد مقترح ينبع من القوة القادمة لمثل هذه القنوات التي يفجّر طاقاتها عالم الانترنت. [email protected]