تأزم المشهد السياسي المصري، بشكل فارق، الليلة قبل الماضية، إذ تلقت منظومة الرئاسة المصرية ضربتين موجعتين، خلال أقل من ساعتين فقط، الأولى كانت بإعلان هيئة مجلس الدولة اعتذارها عن الإشراف على الجولة الثانية للاستفتاء المقررة السبت المقبل، أعقبها إعلان النائب العام المعين من قبل الرئيس محمد مرسي، المستشار طلعت إبراهيم، تنحيه من منصبه، وطلبه العودة إلى منصة القضاء، عقب تجمع قرابة 2000 من أعضاء النيابة العامة أمام مكتبه بدار القضاء العالي، مطالبين باستقالته.. خاصة وأن إبراهيم تلقى انتقادات عنيفة بسبب ما نسب إليه من ضغوط يمارسها على أعضاء النيابة، بشأن التحقيقات في أحداث الاتحادية، كذلك ما تعرض له من إحراج شديد باتهامه بشق صف القضاة وقبول تعيينه مباشرة من قبل رئيس الجمهورية. وبينما شوهد، أمس، المئات من أعضاء النيابة متواجدين أمام مكتب النائب العام، مطالبين بالتنحي الفوري، بدلاً من الانتظار حتى يوم الأحد المقبل، لمعرفة مدى موافقة مجلس القضاء الأعلى والمتوقع أن يقبلها. وقال المعتصمون، إن استقالة النائب العام التي كتبها بخط يده مناورة سياسية، للالتفاف على موعد جولة الاستفتاء المقررة قبل اجتماع مجلس القضاء ب 24 ساعة، كذلك، وجود شكوك أخرى، حول مشروعية الاستقالة ذاتها، والتي يتوجب رفعها للرئيس المصري ذاته، بحكم أنه هو الذي عينه، ولم يأت عبر ما كان متبعاً سابقاً من ترشيح مجلس القضاء لثلاث شخصيات يختار الرئيس أحدهم. وأضاف في تصريحات صحفية قائلاً: «أنا لا أذيع سرًا أنني كنت غير راضٍ عن الطريقة التي خرج بها النائب العام عبدالمجيد محمود، وكنت أرغب في أن يكون خروجه بعد إصدار قانون السلطة القضائية، والذي كان بموجبه يخرج بضوابط، وأرى أيضا أن المستشار طلعت ظلم». ارتياح عام وسادت حالة من الارتياح، في الأوساط القضائية، بعد إعلان استقالة إبراهيم، وأعلنت بعض القوى والحركات الثورية عن فرحتها باستقالة النائب العام حيث كتب نقيب المحامين سامح عاشور على «تويتر» أن استقالة النائب العام انتصار لاستقلال القضاء، وتؤكد أن شباب النيابة وشباب القضاة هم الأمل في عدالة حقيقيه لا تميل لحاكم أو لهوى، مضيفاً أن الشكر للمستشار طلعت ابراهيم، الذي انتصر لاستقلال القضاء، واحترم رغبة أبنائه وكلاء النيابة في مشهد يستحق التقدير. وعبر المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني رئيس حزب الدستور الدكتور محمد البرادعي، عن التقدير والعرفان لأعضاء النيابة العامة في موقفهم الصلب مع الشرعية واستقلال القضاء.. ويظل الحق فوق القوة. واعتبر رئيس حزب الوفد السيد البدوي أن استقالة النائب العام انتصار كبير لإرادة القضاة، لافتًا إلى أن المستشار طلعت عبد الله استشعر الخطر الذي يحيط بالقضاء، لذلك قدم استقالته ولكنها تأخرت كثيرًا قائلاً «أتمنى عدم تراجع النائب العام عن قرار الاستقالة». وأوضح وزير العدل المستشار أحمد مكي، أن النائب العام المستقيل أبلغه منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، أنه سيقدم استقالته بعد الانتهاء من الاستفتاء، وأنه غير راض عن الطريقة التي جاء بها، ولا الظروف التي يعمل فيها. وأضاف في تصريحات صحفية قائلاً: «أنا لا أذيع سرًا أنني كنت غير راضٍ عن الطريقة التي خرج بها النائب العام عبدالمجيد محمود، وكنت أرغب في أن يكون خروجه بعد إصدار قانون السلطة القضائية، والذي كان بموجبه يخرج بضوابط، وأرى أيضا أن المستشار طلعت ظلم». وقفة أمام منزل الرئيس وفي الشرقية نظم المتظاهرون وقفة أمام مسكن الرئيس محمد مرسى احتفالاً باستقالة النائب العام طلعت إبراهيم عبدالله، التى تقدم بها الاثنين إلى المجلس الأعلى للقضاء. مؤكدين أن ذلك انتصار لإرادة الثورة واستقلال القضاء، ورددوا «بعد ما شيلنا النائب العام ..عد يا مرسى بقيلك كام». غموض حول الاستفتاء من جهة أخرى، بات مصير جولة الاستفتاء الثانية، المقررة بعد 72 ساعة غامضاً، بعد اعتذار مجلس الدولة عن الإشراف عليها، بسبب ما سماها «نقض الرئاسة لوعودها» خاصة استمرار الحصار حول محيط المحكمة الدستورية العليا، فيما لا تزال الاستعدادات جارية، في المقرات الانتخابية ب 17 محافظة ينتظر أن يدلي فيها قرابة 27 مليون مصري بأصواتهم، السبت. وعن نتيحة الاستفتاء على مسودة الدستور في الخارج أعلنت السفارات المصرية في بعض الدول عن نتيجة التصويت في الخارج، حيث تفوقت «لا» بنسبة كبيرة علي «نعم» في دول عديدة، حيث تم اعلان النتائج بتفوق «لا» في بلجيكا وألمانيا وبريطانيا وواشنطن وليبيا وفرنسا وأثيوبيا واليونان والجزائر وهولندا وسويسرا ولبنان والإمارات، فيما كانت أغلبية الموافقين تتركز في السعودية ونيجيريا. مسيرات للتحرير والاتحادية ميدانياً، توافد الآلاف من المعارضين والمحتجين، على ميدان التحرير، ومحيط قصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة، بعد عصر أمس، لرفض ما اعتبرته تجاوزات وانتهاكات تبطل الاستفتاء بعد المعارضة القوية له. دعت القوى السياسية والثورية الرافضة لمشروع الدستور الذى تم طرحه للاستفتاء فى المرحلة الأولى السبت الماضى، جموع الشعب المصري للمشاركة، اليوم الثلاثاء، فى مسيرات حاشدة تتجه لميدان التحرير وقصر الاتحادية لرفض ما اعتبرته تجاوزات وانتهاكات تبطل الاستفتاء بعد المعارضة القوية له. وانطلقت المسيرات من مسجد النور بالعباسية، ومسجد رابعة العدوية إلى قصر الاتحادية، ومن ميدان مصطفى محمود بالمهندسين ودوران شبرا إلى ميدان التحرير.. إضافة لما أعلنته ناشطات عن تنظيم وقفة احتجاجية نسائية أمام اللجنة العليا لانتخابات احتجاجًا على الاستفتاء ومشروع الدستور، على أن تكون هناك وقفة أخرى اليوم الأربعاء فى الخامسة مساء أمام تمثال نهضة مصر أمام جامعة القاهرة رفضًا للاستفتاء وتمسكهن بحضارتهن العريقة ونضالهن التاريخى، تأكيدًا على حقهن فى الحرية والكرامة الإنسانية. وأكد رافضو الدستور أن تلك المسيرات تأتى لإسقاط ما سموه «دستور الإخوان» بعد أن أعلنت جموع المصريين رفضها لهذا الدستور رغم وجود ما اعتبرته تزويرًا شاب الاستفتاء، وأرجعوا ذلك إلى: «إعلان نتائج الفرز قبل نهاية موعد التصويت، في واقعة غير مسبوقة، وإجراء فرز الأصوات سراً، في انتهاك صارخ لواحدة من بديهيات الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية، أي الفرز العلني للأصوات، وهو حق صانته جميع القوانين والدساتير ومواثيق حقوق الإنسان، تسويد بطاقات الاقتراع».