أحدثت نتائج الجولة الأولى من الاستفتاء على مسودة الدستور المقترح، مزيداً من الانقسام في الشارع السياسي المصري، اعاد للأذهان الانقسام الذي تلا وصول الرئيس محمد مرسي للسلطة، بفارق ضئيل عن منافسه الفريق أحمد شفيق. وبينما قالت المؤشرات النهائية، ان 56.4 من المقترعين صوتوا ب»نعم» في المحافظات العشر التي شهدتها الجولة، بانتظار النتيجة الأخيرة عقب جولة الحسم النهائي المنتظرة السبت القادم.. اعتبر محللون أن النتائج المعلنة «هزمت جميع الأطراف» وخرجت غالبية صحف القاهرة الصباحية أمس، تحمل هذا المضمون وإن اختلفت صياغته من صحيفة إلى أخرى. وبالأرقام، اتضح أن من قاطعوا الاستفتاء كانوا الأغلبية، بواقع 17 مليوناً، وأن عدد المقترعين الذين ذهبوا للصناديق لم يتجاوز 8 ملايين من إجمالي 25 مليون ناخب لهم حق التصويت في الجولة الأولى بمحافظاتها العشر، أي بنسبة 31 بالمائة فقط، ما يعكس حجم الحيرة الشعبية الكبيرة، وفي نفس الوقت فشل السياسيين في إقناع هذا العدد الهائل. وبينما قال مصدر أمني ل (اليوم) رفض ذكر اسمه أن الجهات الأمنية، بمساعدة القوات المسلحة، سترفع حالة التأهب القصوى، تأهباً لما قد يحدث، أشارت معلومات إلى أن استفتاء السبت سيكون معركة كسر عظم، بين المؤيدين من تيارات الإسلام السياسي الذين يحشدون قواهم لتمرير الدستور بكل الطرق، وبين المعارضين الذين يشككون في النتائج. قلق في «الاخوان» وعلمت (اليوم) أن غضباً كبيراً يسود أوساط جماعة الإخوان المسلمين، ومناصريها من أحزاب الإسلام السياسي، بسبب النتيجة، معتبرين انها وإن كانت لصالحهم تعكس حجم التراجع الهائل في شعبيتهم في الشارع المصري، وبرروا هذا التراجع، بما سموه «التضليل الإعلامي» الذي شوّه صورتهم. وأرجع الدكتور علاء أبو النصر، القيادى بحزب البناء والتنمية، التابع للجماعة الإسلامية، نسبة الرافضين «إلى الحرب الإعلامية الشرسة على الدستور والإعلام الفاسد ورجال الأعمال الفاسدين والبلطجية»، مؤكدا أنهم من «ساعد فى الوصول إلى هذه النسبة»، متوقعا أن تزيد نسبة «نعم» فى باقى محافظات الجولة الثانية. من جهته، اعترف الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين، أمس، بفقدان التيارات الإسلامية جزءاً من شعبيتهم ورصيدهم الانتخابي مرجعا السبب الى من وصفهم ب»الاعلام المضلل» الذي اثر سلبا على صورة الاسلاميين، فيما أشار عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إلى أنه سيتم التأمل في نتائج المرحلة الاولى، ودراسة السلبيات و الإيجابيات، وإعادة قراءة المشهد من جديد، وقال على حسابه الشخصي عبر «فيس بوك»: «بدءا من الليلة عمل وجهد وبذل وتضحية، ومواصلة جهد الليل مع الله خاشعين له، وبالنهار، لشرح مواد مشروع الدستور ، وإزالة كل غبار تراكم من الأكاذيب المتكررة التي ملأت الأذان». وأوضح عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، عمرو دراج، أنه في حال لم تكن النتائج النهائية تشير الى تفوق واضح لأحد الطرفين، فانه سيكون واجبا إقامة حوار مجتمعي يتم فيه الانصات لمطالب تعديل بنود الدستور وسيكون مرحبا بأي أطروحات وصولا الى التوافق. وأضاف دراج أن على الاخوان وحزبها القبول بخيارات الشعب أيا كانت، رهان المعارضة من جهتها، رأت قوى المعارضة، في النتيجة، رغم حديثها الدائم عن «انتهاكات وتزوير» ومطالبتها باعادة الاستفتاء.. وقال الناشط المعارض المهندس ممدوح حمزة: إن «الإخوان فوجئوا فى الاستفتاء بمدى كراهية الشارع لهم». الخصمان «الموالاة» و»المعارضة» بالمصطلح اللبناني يراهنان حالياً على الجولة الثانية والأخيرة في 22 ديسمبر الجاري، حيث يتوقع احتدام التنافس. مفارقة طريفة المثير في المشهد الاستفتائي، أن نتائج محافظة كالقاهرة/ العاصمة وأكبر المدن المصرية، جاءت مماثلة تماماً لنتيجة الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية، بين الرئيس الحالي محمد مرسي، وخصمه الفريق أحمد شفيق، حيث حصل الأول على 43 بالمائة، فيما حصل الثاني على 57 بالمائة، وهي للمصادفة نفس نتيجة الاستفتاء على الدستور، الذي رفضه قرابة 57 بالمائة أيضاً، وأيده 43 بالمائة، ما يعني أن الرئيس المصري ومعه الجماعة، فشلا مرتين في اكتساب صوت العاصمة. الغريب أيضاً أن الاسكندرية، ثاني مدن البلاد، والتي حل مرسي فيها ثالثاً، بعد حمدين صباحي وأحمد شفيق، وافقت بأغلبية بسيطة (55.7 بالمائة) كذلك الدقهلية التي ناصرت شفيق.. وهو ما اعتبره مراقبون مفارقة طريفة. مسيرات الثلاثاء في سياق متصل، أعلنت القوى المدنية والوطنية والثورية، عن مسيرات ضخمة تتوجه اليوم الثلاثاء، إلى ميدان التحرير وقصر الاتحادية.. احتجاجًا على ما وصفته ب»الانتهاكات التي وقعت في المرحلة الأولى من الاستفتاء على مشروع الدستور، وإحياًء لذكرى شهداء أحداث مجلس الوزراء، ودعماً للمعتصمين بالتحرير والاتحادية». كانت جبهة الإنقاذ الوطنى قد دعت الأحد عقب الاجتماع الذى عقدته الجبهة مساء الأحد بمقر حزب الوفد بمنطقة الدقى بالقاهرة جموع الشعب المصري، إلى الاحتشاد بجميع ميادين المحافظات وميدان التحرير « وأصدرت الجبهة بيانا تلاه القيادى فى الجبهة عبد الغفار شكر، أعربت خلاله عن تحيتها لجماهير الشعب المصري على الانتصار الذي حققته بإقبالها الكبير على الاستفتاء، وأدانت ما وصفته بعملية التزييف لارادة الشعب من خلال انتهاكات منظمة لعملية الاستفتاء في المرحلة الأولى التى جرت السبت. لجنة طبية لمبارك من جهة أخرى، قال مصدر قضائى داخل مكتب النائب العام، إن المستشار طلعت عبد الله، النائب العام، قرر تشكيل لجنة طبية لفحص الحالة الصحية للرئيس السابق محمد حسنى مبارك. ووفق «بوابة الأهرام» قال المصدر: نتائج اللجنة الطبية سوف تحكم قرار النائب العام وإذا ثبت تأخر حالة مبارك الصحية يتم نقله فورًا إلى مستشفى عسكرى، وفقًا للطلب الذى تقدم به محاميه يسرى عبد الرازق. وأضاف ان جبهة الدفاع عن مبارك تقدمت بطلب للمستشار طلعت عبد الله، لنقل مبارك إلى مستشفى عسكرى نتيجة تأخر حالته الصحية.