حقوق المرأة قضية تمثل التباسا لدى عديد من المفكرين ولا يعود الالتباس فقط لاختلاف الأفكار والمرجعيات بل لاختلاف المصالح أيضا، وأقصد هنا المصالح الجماعية وليس الفردية الضيقة، وقد آثرت دائما البعد عن الجدل الفكري المجرد غير المرتبط بالواقع المعاش كما فضلت دائما البعد عن الجدل الديني بالأساس فالإسلام كما أرى أقدس وأجل من استخدامه بجدال يتسع للكثير من الآراء، لكني رغم ذلك أنشغل كثيرا بنتائج الأفكار ربما أكثر من مضمونها، فكثير من الجدال الجاري حول حقوق المرأة السعودية يؤثر سلبيا على حياة الكثير من الأسر، وسوف أتناول ثلاث أفكار رأيتها تتكرر كثيرا بوسائل الإعلام المختلفة خلال المرحلة الماضية، وسوف أتناول الأفكار من حيث أثرها على الواقع، يؤكد البعض أن لا داعي لجمعيات المرأة فهي غير مطلوبة بمجتمعنا الذي يحكمه الإسلام الذي يشهد الجميع على تكريمه للمرأة، يغيب عن هذا الرأي الدور الهام للمجتمع المدني بشكل عام وجمعيات المرأة بشكل خاص، وهو دور هام جدا لتطور أما أخطر الآراء التي تناولتها الصحف مؤخرا هو أن المرأة التي تطالب بحقوقها قد تكون مسببة لعنف الزوج ضدها، ان تحميل الضحية مسؤولية العنف ضدها أمر غير مستقيم أخلاقيا وإنسانيا، والأهم أن هذا الرأي يتضمن قبولا ضمنيا للعنف ضد المرأة إن وجد مبررا وهو هنا مطالبتها بحقوقها أي مجتمع حديث يهدف لتوسيع قاعدة مشاركة المواطنين بالشأن العام، فالجمعيات الأهلية تكشف للدولة والمجتمع عن كثير من المشكلات المجتمعية ومدى خطورتها، فقضية العنف الأسري على سبيل المثال لم نكن لندرك حجمها وخطورتها لولا الجمعيات التي ترصد وتوثق حالات العنف، كما تعمل الجمعيات النسائية بتنفيذ برامج تأهيل وتوعية للحد من حالات العنف ومواجهة أسبابه، فهل القول بأن تلك الجمعيات حالات شاذة نظلم المجتمع بالتوسع بشأنها رأي مفيد؟ نتيجة هذا الرأي ببساطة أن المجتمع لن يعرف أخطر مشكلاته وما عليه مواجهته، الفكرة الخطيرة الثانية هي أن مشكلة المرأة عدم ادراكها لدورها داخل البيت وهو ما يؤدي لكثير من المشاكل الأسرية، هذا الرأي يتجاهل التطور الواقعي لدور المرأة بالمملكة العربية السعودية وقيامها بالكثير من الأعمال بكل المجالات تقريبا، وهذا التطور أدى لإعادة توزيع الأدوار التقليدية داخل الأسرة، مهمة البناء مشتركة بين الطرفين ولا جدال بذلك كما أعتقد، ولو تحملت المرأة العبء الأكبر فسينتج عن الخلال مشكلات كثيرة، أما أخطر الآراء التي تناولتها الصحف مؤخرا هو أن المرأة التي تطالب بحقوقها قد تكون مسببة لعنف الزوج ضدها، ان تحميل الضحية مسؤولية العنف ضدها أمر غير مستقيم أخلاقيا وإنسانيا، والأهم أن هذا الرأي يتضمن قبولا ضمنيا للعنف ضد المرأة ان وجد مبررا وهو هنا مطالبتها بحقوقها، ربما يجد بعض الرجال أصحاب الفكر الذكوري بمثل هذا الرأي مبررا للعنف تجاه الزوجة، ويمثل هذا خطرا حقيقيا على بعض النساء بمجتمع يواجه مشكلة العنف المتزايد ويعمل على إيجاد حلول لأسبابه بعد أن أمتد للأطفال ووصل ببعض الحالات للقتل، ان نشر الأفكار بجرأة، أمانة كبيرة فليس عليك أن تكون متأكدا فقط من رأيك وأسانيده بل الأهم هو أن تدرك تأثير هذا الرأي ولو على إنسان واحد فقط حيث ستكون مسئولا عن أي فعل يقوم به متأثرا برأيك، والأولى أن تكون بجانب الأضعف وليس الأقوى حتى لو رأيت الحق يميل ناحيته، فقوة الرجل لا تعطيه الحق بالعنف بل تحمله الواجب بعدم العنف. [email protected]