تناولت هنا من قبل قضية العنف الأسري، وأخطارها على المجتمع من زوايا عديدة، اجتماعية، أخلاقية، واقتصادية، وأصدقكم أني من المهمومين جداً بهذه القضية الخطيرة، التي تتفاقم بالمملكة يوماً بعد آخر، بعد أن أصبح للعنف من يدافع عنه علناً، فالعنف بالنسبة للكثيرين وسيلة تربية وتهذيب، ويعتبره البعض الحل البسيط لمعالجة أخطاء الأطفال ومشكلات النساء، بل تعدَّدت أشكال العنف لتصل للعنف ضد الرجال، فقد أكدت إحدى الدراسات الرصدية أن 20% من حالات العنف تكون ضد الأزواج. ويلاحظ أن العنف ينتج ظواهر عديدة ربما يكون أهمها هروب الفتيات المعنّفات من أسرهن، وبالتالي تعرضهن لمخاطر لا حصر لها، وأكدت دراسة حديثة أن السبب الرئيسي لهروب الفتيات هو تعرّضهن للعنف من قبل الاب أو الأخ بغرض التأديب، وكثير من تلك الحالات كان العنف عقاباً على أخطاء لا دخل للفتيات بها، مثل تدنّي المستوى الدراسي مثلاً، والذي يعود لأسباب عديدة منها وسائل التعليم بمدارسنا التي لا في كثير من الأحيان الفروق الفردية، من صعوبات في التعليم، وبطء في التعلم والغريب وبرغم توالي التقارير والدراسات التي ترصد ظاهرة العنف بالمملكة، والتي تؤكد الزيادة المستمرة بحالات العنف، إلا أن وسائل مواجهة الظاهرة قاصرة تماماً على المواجهة، وتتخذ وسائل وأساليب تقليدية تواجه الظاهرة دون الصدام مع الأسباب العميقة،إنكار ظاهرة العنف هو دفن للرأس بالرمال، ويجب أن تأخذ القضية مكانها الطبيعي من الاهتمام الرسمي والمجتمعي، فالجمعيات الأهلية مهما بلغت إمكانياتها لا يمكنها مواجهة الظاهرة وحدها، ودورها يجب أن يكون شريكاً للدور الرسمي، ويجب أن يكون الهدف هو مواجهة الأسباب الجوهرية وليس العوارض، فالعنف قضية مجتمع وليس قضية أسرية فقط.حيث تكتفي المؤسسات المختلفة، بتقديم الدعم النفسي والمادي للمعنفين، ثم تعيدهم للأسر من جديد، ولا يتم عملياً عقاب القائم بالعنف، والاكتفاء بجلسات النصح والإرشاد، وأنا لا أدعو لنظرية العقاب كوسيلة لمواجهة العنف، بل وعلى العكس فأنا من غير المقتنعين بنظرية الردع بالقانون، بل أدعو لمواجهة ثقافة العنف، والبحث عن الأسباب العميقة وليس المباشرة فقط، فنحن كمن يعالج أعراض المرض تاركاً المرض ذاته دون علاج، والنتيجة المنطقية هي العدوى، فالمعنف اليوم سوف يمارس العنف غداً، إنها سلسلة لا تنتهي سوى بمواجهات شجاعة وحاسمة، وإهمال الظاهرة الذي يصل لحد عدم الاعتراف بحجمها الحقيقي، هو الخطر بعينه، فحتى الدراسات الكثيرة لا تكشف عن كامل الحقيقة، فالغالبية لا تكشف عن تعرُّضها للعنف قناعة منها بأن هذا حق للأب أو الأم أو حتى بعض الأقارب، وهناك من ينكسر نفسياً فيفضل الصمت والانعزال، وإنكار ظاهرة العنف هو دفن للرأس بالرمال، ويجب أن تأخذ القضية مكانها الطبيعي من الاهتمام الرسمي والمجتمعي، فالجمعيات الأهلية مهما بلغت إمكانياتها لا يمكنها مواجهة الظاهرة وحدها، ودورها يجب أن يكون شريكاً للدور الرسمي، ويجب أن يكون الهدف هو مواجهة الأسباب الجوهرية وليس العوارض، فالعنف قضية مجتمع وليس قضية أسرية فقط. مبارك الشهر على الجميع وكل عام والأمة الإسلامية بخير وعزة. naimahgh@gmail .com