أكد بنك الكويت الوطني في نشرته الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي الصادرة أمس نمو سوق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير خلال العقد الماضي، مشيرا الى أن الحكومات لعبت دورا فعالا في إصدار السندات مؤخرا وهي تصدر الآن معظم سندات الدين القائمة. ويساعد هذا التوجه على تمويل الإنفاق العام، كما يساعد على دعم الطموحات الساعية إلى تطوير الاقتصاديات المحلية لجعلها مراكز مالية رئيسية.ويعتبر إصدار السندات طريقة تعتمدها الشركات بشكل متزايد لتمويل نشاطاتها، وتقدّر قيمة السندات التي تصدر في دول مجلس التعاون الخليجي (من قبل القطاعين العام والخاص، وشاملة السندات التقليدية والصكوك) حاليا بمبلغ 203 مليارات دولار أميركي عند بداية الربع الثالث من هذا العام. وقد ارتفع مجموع الدين القائم بشكل ثابت على مدى العقد الماضي رغم الأزمة المالية وتداعياتها المستمرة، فيما ارتفعت قيمة مجموع السندات القائمة بمقدار 181 مليار دولار ما بين 2001 و2011، مع ارتفاع سريع في الأرباح قبل أزمة 2008 وتباطأ بعد ذلك.ويمكن أن يعزى بعض هذا الارتفاع إلى النمو الاقتصادي الإقليمي القوي والمرتبط بارتفاع أسعار النفط. وبالنتيجة، ساعدت ثقة المستثمرين على دعم المشاريع الطموحة للمنطقة في ما يتعلق بالبنية التحتية والتنمية، الأمر الذي أدى، بدوره، إلى الحاجة لتمويل هائل. وفي حين تباطأ النمو الاقتصادي بعد العام 2008، تضاعف إجمالي إصدار السندات للقطاع العام أربعة أضعاف من 11 مليار دولار في 2007 إلى 41 مليار دولار في 2011. فإنه لم يجعل منطقة مجلس التعاون الخليجي تحيد عن أهدافها التنموية الطويلة المدى. ولا تزال هناك حاجة إلى تمويل هائل.وقد تنضم سندات الدين، مثل السندات التقليدية والصكوك، إلى تطلعات الحكومات المصدرة للنفط المتعلقة بالنمو، عن طريق تقديم أسلوب بديل لتمويل أهدافها التنموية الطويلة المدى، وفي الوقت نفسه، الحفاظ على إيراداتها من الهيدروكربون، والحفاظ على زخم اقتصاديات كل منها، وتقليل تقلبات مصروفاتها الرأسمالية.وإضافة لذلك، مع استمرار معاناة الائتمان الخاص من تداعيات التباطؤ الاقتصادي، قد تشكل سندات الدين وسيلة لتمويل توسع القطاع الخاص، ما يسمح للشركات بالاستفادة من الأسواق المالية ومن مصادر التمويل من خارج المنطقة. وقد تتجه البنوك الاقليمية أيضا إلى سوق الدين لتعزيز بيانات الميزانية لديها، وذلك لتسهيل ارتفاع الطلب على الائتمان في المستقبل. وقد تم تذليل العقبات التقنية المتعلقة بإصدار السندات بفضل القطاع المالي المتقدم لمجلس التعاون الخليجي.وقد حافظ مجموع الإصدارات الجديدة للسندات على مساره في الارتفاع على مدى العقد الماضي، إذ ارتفع إصدار السندات الإجمالي السنوي لمجلس التعاون الخليجي بمقدار تسعة أضعاف عن قيمته في العام 2001، حيث قفز من 6 مليارات دولار إلى 54 مليار دولار في العام 2011. وفيما تجاوزت الاصدارات الجديدة للقطاع الخاص مثيلاتها في القطاع العام في السنوات القليلة التي سبقت الأزمة الاقتصادية (60 بالمائة من اجمالي السندات تم إصدارها ما بين 2006 و2008)، فإن الأزمة المالية التي وقعت في العام 2008 غيرت الصورة. وتراجع معدل الإصدار الإجمالي للقطاع الخاص من 38 مليار دولار في عامي 2006 و 2007 إلى 24 مليار دولار في العام 2008. ولكن فيما بعد، قامت الحكومات الإقليمية باعتماد سياسات مالية توسعية تهدف إلى تأمين الأهداف التنموية الطويلة المدى للمنطقة وتحفيز نمو اقتصادياتها. وقد تمت الموافقة على عدد كبير من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية والقطاع العقاري في السنوات اللاحقة، تم تمويلها بشكل جزئي من الديون المحلية والعالمية. وبالتالي، تضاعف إجمالي إصدار السندات للقطاع العام أربعة أضعاف من 11 مليار دولار في 2007 إلى 41 مليار دولار في 2011، ونتيجة لهذه التغيرات، يشكل دين القطاع العام الآن معظم رصيد سندات الدين القائمة - ما قيمته 110 مليارات دولار أو 54 بالمائة تقريبا.وعلى مستوى كل دولة على حدة، فإن قطر والإمارات العربية المتحدة تبرزان كمصدرين رئيسيين للدين في المنطقة، تليهما السعودية، وتشكل هذه الدول الثلاث 88 بالمائة من سندات سوق الدين القائم في مجلس التعاون الخليجي.