وافق المجلس الوطني الإماراتي على مشروع قانون اتحادي، يكفل أدوات دين مالية تصدرها المصارف. ومن شأن القانون أن ينعش سوق السندات والصكوك الإسلامية في الدولة، بعد أن شحت موارد التمويل الخارجي لمشاريعها الطموحة، جراء أزمة المال العالمية. اتخذ القرار بعد يوم من إعلان محافظ المصرف المركزي سلطان بن ناصر السويدي أن بلاده ستقر قانوناً في غضون 6 أسابيع، لإصدار أول سندات سيادية (اتحادية) من شأنها أن تساعد في تطوير سوق السندات المحلية. وتحاول دولة الإمارات قيادة سوق السندات العالمية والإقليمية، منذ بدء أزمة المال العالمية الخريف الماضي، بإصدارها برنامجين بقيمة 30 بليون دولار، أحدهما لإمارة أبوظبي التي تخطط لإطلاق برنامج سندات بالعملة الأميركية متوسط الأجل، قيمته 10 بلايين دولار، بحسب وكالتي «ستاندرد اند بورز» و «موديز» للتصنيف الائتماني، وبرنامج سندات حكومة دبي الذي طرح أخيراً بقيمة 20 بليون دولار، اكتتب المصرف المركزي في الشريحة الأولى منه بقيمة 10 بلايين ، وتخطط إمارة دبي لإطلاق الشريحة الثانية قبل نهاية السنة. ووفقا للأرقام المعلنة فإن البرنامجين يشكلان معاً نحو ضعف إجمالي إصدارات السندات والصكوك خليجياً خلال 2008، والذي لم يتجاوز 18 بليون دولار، ما اعتبره خبراء خطوة مهمة لإعادة الثقة في أسواق الائتمان الإقليمية ويساهم في إنعاش القطاع عالمياً، إضافة إلى اعتبارها رسالة مباشرة في اتجاه تأسيس سوق محلية للسندات والصكوك في الإمارات تخدم أسواق المنطقة والعالم. وأكد رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي ناصر السعيدي، أن السندات السيادية التي أعلن عنها محافظ المصرف المركزي، ستكون على مستوى «اتحادي»، من شأنها أن تكون «مرجعية تسعير» للسندات في الإمارات وفي المنطقة. وأشار السعيدي في حوار مع «الحياة»، إلى أن حكومات الدول المتقدمة تلجأ إلى السندات الحكومية على نطاق واسع في أوقات التباطؤ والركود الاقتصادي وإبان الأزمات المالية، التي تمر بها بما فيها الأزمة العالمية الراهنة. وقال إن مشروع كفالة أدوات الدين، يسمح «بتطوير منتجات جديدة في الأسواق المحلية، فضلا عن تشجيع إصدار سندات غير حكومية، وخلق سندات استثمار نقدية، بالإضافة إلى فتح المجال لاستقطاب رؤوس أموال من الخارج. ولفت السعيدي إلى أن تشجيع سوق السندات في الدولة، يهدف إلى تسهيل عمليات التمويل للمصارف بكلفة اقل، بعد أن ازدادت كلفة التمويل حول العالم ما بين 300 و400 نقطة. وتفيد آخر التقارير العالمية بأن أسواق السندات الحكومية حققت أداء أفضل من الأسواق المالية في 2008 لدى اقتصادات عديدة متقدمة. وشهدت سوق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي رواجاً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، ساعدها في ذلك الانتعاش الاقتصادي لهذه الدول إثر ارتفاع أسعار النفط. كما ساهمت البيئة المحفزة للاستثمار الأجنبي، بنوعيه المباشر وغير المباشر، على نمو الاستثمار في السندات. وتشير تقارير عالمية إلى أن إصدارات السندات التقليدية والإسلامية في الخليج، تجاوزت 48 بليون دولار في 2007 ، منها 18 بليون (أي نحو 38 في المئة) سندات إسلامية (صكوك)، غير أن هذه السندات انخفضت في شكل كبير (66 في المئة) في 2008 بسبب تداعيات أزمة المال العالمية. وعلى رغم ذلك، تفيد التوقعات بأن الشركات من خارج دول المجلس تطمح إلى طرح سندات في الخليج. ومما يحرك الطلب على هذه السندات (المقومة بعملات خليجية على نحو خاص) توقع أن تسمح حكومات خليجية لعملاتها بالارتفاع في مقابل الدولار ما سيعزز قيمة العائدات لحائزي السندات في المستقبل.