كلية العلوم والآداب في بلجرشي لا تمُتُّ إلى أيّة هويةٍ عصرية، وإنما تعيش في العصور المتخلِّفة المظلمة، إدارةً ومبنى. وهجوم عميد الكلية، التابعة لجامعة الباحة، على معرض رسومات طالبة، كرّمته بالدعوة لافتتاح معرضها، وتمزيقه اللوحات بأسلوب لا يمكن القول إلّا أنّه «همجي» و«مقزِّز»، لا يليق أن يبدُر من بائع بقالة في حي شعبي ،فما بالُك بعميد دار علمٍ وكليةٍ جامعيّة تدرس «الآداب» ويتعيّن أن يملك «الاستاذ الدكتور» أدنى الأدبيات التربوية. سنون طويلة من حلقات مركز الملك عبدالله للحوار، وتوجّه البلاد كي يكون الحوار جزءًا من ثقافة العلاقات والمعاملات، لم تمرْ على العميد، ولا يعلم بها مريدو ثقافة «المشاعيب» و«حلمنتشيات» أخرى. وعلقت عضو منتدى على «معركة» تمزيق اللوحات وتستغيث من هذه التصرفات الظلامية «ليييييه.. يا عالم ليه..؟؟!؟؟»!.. وقدّم الدكتور اعتذاره وقال: إنه أخطأ، وهذا يحسب له بلا أدنى ريب. وعذر أن بعض الرسومات خادشة للحياء، لا يبرِّر الأسلوب. وربما بعض الرسوم عليها ملاحظة مع أن مشرفة المعرض والاستاذات لم يرين فيها خدشاً كالذي رآه الدكتور، بمعنى أن المسألة رأي، لا يبرّر هذه الثورة التخريبية العمياء الهوجاء. ولو أن العميد قال: إنه قد أُصيب لحظتها بلوثة، أو تلبّسه جِنٌ، أهون. وإن كانت نية الدكتور طيّبة، فإن أسلوبه الحلمنتيشي هو الذي «يخرب» أكثر ما يصلح. وعليه إذا كان يريد إصلاحا أن يصلح من أسلوبه أولاً. رأيي أنه يجب أن يدفع العميد تعويضاً مُجزياً للطالبة عن الإهانة وعن الإحباط وعن سوء التصرف، وليس 1500 ريال التي لا يبدو أنها تكفي لترتيب صالة العرض. ورأيي أن يدخل العميد دورة في «آداب التعامل» مع الآخرين، ودورة ل«آداب التعامل مع الأشياء» و«الممتلكات العامة» كي لا تلمَّ به ثقافة المشاعيب ويسيء ويُكسِّر. وقبل كل ذلك يقرأ الأحاديث النبوية الشريفة في آداب التعامل ولا يقرؤها مقلوبة ولا ل«الحشو» كما يفعل كثيرون. وقرأت رسالة نُسِبت إلى هذا العميد، يخاطب فيها الطلاب والطالبات وولاة أمورهم، تقطِّر سوداويّةً وسوءَ ظن، من حيث يود أن يبين حرصه. ولكنه صوّر أن طلاب وطالبات الكلية لا أمل في إصلاحهم، وأنه كل ما فعله من أجل الإصلاح مخيب للآمال.! وهذه لغة جاهلية لأن أغلب الناس في كل مكان، في كلية أو مدرسة أو مدينة، إيجابيون ومتميزون والرديئون شواذ. وبالانتتقال من العميد إلى «الحلمنتيشي الآخر» وهو مبنى الكلية «المخيف» و«يجيب المرض» كما قالت إحدى عضوات منتدى «ساحات منطقة الباحة». وبث المنتدى عرض فيديو للمبنى الذي يذكِّرك بسكن عمّال. وإذا رأيت كيف غطيت النوافذ بألواح سميكة ضخمة لتحجب الشمس والهواء فلن يذكِّرك إلا بسجنٍ مهملٍ أو مستودعِ خردوات، وأسواره الزنكية الغريبة التي لا تليق إلا بحظائر الماشية. والعتب ليس على العميد، بل على مسئولات الكلية، كيف رضين أن يكون هذا المبنى مقرّاً لفصول طالبات جامعيات، وكيف لم يشتكين، أقلّها لتهذيب المبنى وتكييفه ليكون أقلّ بشاعة. وأيضاً لوحة الكلية «حلمنتيشية» أيضاً، فهي تليق أن تكون لوحة مخبز شعبي أو محل تغيير إطارات، وعادة لوحات المقرّات تدلّ على إبداعية الذهنية الإدارية. وإذا لم تتخلص الكلية من هذه «الحلمنتيشيات»، فإن على المستشفيات النفسية، كي لا تتفاجأ ب«الزحمة»، أن تستعد مسبقاً وتحجز أماكن بعدد خريجات الكلية هذه السنة والسنوات المقبلة. وأيضاً من باب «الأمانة» والصدق أن تُفصح كلّ طالبة عند الخطبة والزواج أنها انتسبت يوماً لهذه الكليّة كي يكون الخاطب وأسرته على بيِّنةٍ. وتر إذا الموؤدة سُئلت.. وسيدة الحُزن، تستغيث، وسنون طويلة.. طويلة من تراكمات الهَمِّ. وروهنغية تقتات الدمع، إذ خناجر الغدر تستبيح الأمل في أراكان.. وثكالى المخيمات، ينتظرن بزوغ فجر يأنى. هذا الفضاء نحيب.. وهذه أنهار الدمع.. وليل تعاصيه الأنجم ويجافيه الصباح..