من أسوأ صفات الإنسان منذ أن خلقه الله أن يختلف جوهره عن مظهره، فيقول ما لا يبطن ويلمع كلامه حين يخرجه وفي الحقيقة هو في داخله عكس ذلك الكلام تمامًا. كثير من المواسم أو الحالات نعلّق عليها بشكل رسمي أو غير رسمي بالمثاليات المصطنعة ونحن فعليًا عكس ذلك تمامًا ونحاول أن «نضحك» على أنفسنا ونحن أول مَن يعلم اننا «مُلمّعون». فمثلا حين تنتهي الإجازات نشاهد كثيرًا من اللوحات الدعائية في الشوارع تُعبّر عن فرحة الأطفال بعودة المدارس بل ويسمّونه «مهرجان العودة إلى المدارس» يا للهول!! مهرجان من أجل العودة إلى المدارس!! إذًا ماذا نحتاج من أجل العودة إلى الإجازة؟ لكرنفال مثلًا ؟ أو ألعاب نارية ؟ قرع للطبول؟ أم ألعاب أولمبية صيفية وشتوية بحكم كثرة الإجازات وتعدّدها على مدار السنة عندنا!. لا أعلم لماذا هذه المثاليات حتى وإن علمنا أن مَن يقوم بهذه الحملات هي شركات تجارية تستغل موسم العودة للمدارس لفائدتها كالمكتبات مثلًا وهذا من حقها، إلا أن هذه المُثل تأتي أيضًا من الأهل والطلاب أنفسهم، فكثير من المقابلات مع بعض الطلاب أو الطالبات تؤكد هذه الظاهرة.سبحان الله لا أعلم لماذا هذه المثاليات حتى وإن علمنا أن من يقوم بهذه الحملات هي شركات تجارية تستغل موسم العودة للمدارس لفائدتها كالمكتبات مثلًا وهذا من حقها، إلا أن هذه المُثل تأتي أيضًا من الأهل والطلاب أنفسهم، فكثير من المقابلات مع بعض الطلاب أو الطالبات تؤكد هذه الظاهرة، فيأتي المذيع لبعض المتنزهات قبل بدء الدراسة بأسبوع ويسأل بعض الطلاب (وش رأيك يا شاطر بالعودة إلى المدرسة؟) فيجيب الطالب (بصراحة مرة مشتاق لها وللمدرسين وزملائي الطلاب!)، يا شيخ! وعلى قولة أهل الكويت «دش بعيني» يا ساتر أنا أجزم بأن 99% منهم (بكّاشين) بل يحتاجون إلى»سطل» من المياه لإيقاظهم للمدرسة من شدة كرههم لها، فالحال لم يعُد كالسابق، فالمدرسون يراهم في الاسواق والاماكن العامة، وزملاؤه الطلاب قد أضافهم في»البي بي» فهل مثلًا اشتاق للواجبات والمذاكرة؟ «على مين يا حلو».. لم أشاهد في حياتي أحدًا كان يشتاق للمدرسة وأنا أولهم إلا ليوم فيه حصة رياضية او مباراة في الفسحة فقط. الحال نفسه يتكرر في»التلميع» مع قرب شهر رمضان، فتجد كثيرًا من الناس يتكلمون في الصحف والمقابلات والمجالس عن استعداداتهم له بأنه لن يكون شهر «الأكل والشرب» بل شهر الأعمال الصالحة «الله يجزاكم خير» ومن أول يوم في هذا الشهر الفضيل أتحدّى أي أحد أن يجد حجزًا للإفطار في أي فندق إلا قبله بساعات طويلة أو يوم على الأقل، وليلة الشهر يتم الهجوم غير المسلح على البقالات وكأنها ستغلق وما أن تذهب لأي وليمة إلا وأصناف وأشكال الطعام الذي بالتأكيد ما يُرمى منه اكثر مما يُؤكل بكثير. ويستمر الحال نفسه مع العيد، فكثير من المتشدقين يصف العيد بأنه «فرحة وصلة رحم»، وهو لا يستيقظ من نومه يوم العيد إلا العصر ولا يزور أحدًا من الأرحام الذين تحدث عنهم. الحال نفسه يتكرّر مع أنظمة المرور فما أن يحصل حادث مروري كفانا الله شر الحوادث وجميع المسلمين إلا وتسمع التعليقات من المتجمهرين حوله «السرعة الله يكفينا شرها»، «الله يهديه يسوق بدون رخصة»، «التفحيط هو سبب كل الحوادث» أجزم بأن أكثر من نصف هؤلاء المتجمهرين سيفعل جميع ما ذُكر بعد الحادث إن لم يكن فعلها أصلًا قبله. محللو القنوات الرياضية أغلبهم يحاولون تلميع الحيادية ظاهرًا وكلنا نعلم أنه يُحلل بعقلية «مشج» لفريقه حتى أننا أصبحنا نشاهد البرامج الرياضية وكأنها تقام في مدرجات الملاعب تمامًا مما يشوبها من لغط ومشادات وخرابيط. المشكلة تكمن في شيء واحد، أننا نعلم تمامًا أننا «نبكّش» على بعض، وكل واحد فينا يعلم مقدار «المُثل» التي يدّعيها الآخر، طيّب ليه التمثيل هذا، وليه نضحك على بعض!.. ألقاكم الجمعة القادمة.. في أمان الله. Twitter: @Majid_Alsuhaimi