مما درج العديد منا على ممارسته في السنوات الأخيرة مقاطعة منتجات الشركات التي ترفع أسعارها، فقد عجت المنتديات بحملات للمقاطعة آخرها كانت مقاطعة الدجاج لارتفاع أسعاره، وسبقه حملات للألبان والعصائر وسواها. لماذا لا نتوقف عن استقدام المزيد من العمالة الوافدة نظراً لارتفاع أسعارها وتجنباً لإحداث «تضخم»؟ من يقيم الدنيا حالياً ولا يقعدها استناداً إلى أن رسوم العمالة تكاثرت وتصاعدت وأنها ستؤدي إلى التضخم والغلاء وأن «الشغلة ما عاد التوفي!» فليتوقف عن الاستقدام، إن استطاع! أكاد أشاهد تكشيرات وابتسامات التهكم والحواجب المقطبة. أدرك أن مجرد مرور هذا الخاطر هو بمثابة كابوس لدى البعض، وادرك أن أحداً لن يأخذ ما أقول على محمل الجد. ومؤخراً أخذنا نسمع كيف أن فرض رسم سيتيح جميع أنواع الفرص للتجار لزيادة أسعار السلع، بل إن أحدهم قال لي عبر صفحتي على توتير: «ان تكلفة رسم العمل الجديد على شركتي 2 مليون ستكون هديتي للمستهلك!» أقدر وجهة نظر الجميع، وأزعم أن البلاء هو «الاقتصاد الرمادي»، فالعنصر الأكثر تأثيراً في رفع أجر المواطن وإتاحة المزيد من الأعمال له ليس هذا الرسم حتى لو تضاعف أضعافاً، بل ضبط أنشطة وأعداد العمالة الوافدة، فوتيرة الاستقدام قد تصاعدت وزادت وتضخمت، ولذا فمن يريد البحث في التضخم فليبدأ بالتمعن في تضخم أعداد العمالة المستقدمة، فمع مطلع كل شمس نستقدم ما متوسطه 3000 وافد! هذا حسب الاحصاءات الرسمية للعام 2011. ويبدو أننا سنسجل رقماً قياسياً جديداً هذا العام (2012). وهكذا، يمكن القول: إن التضخم لدينا نوعان؛ تضخم الأسعار أي الغلاء وتضخم العمالة الوافدة وتحررها من كل عقال. طبقا للبيانات الرسمية فمعاناة الاقتصاد السعودي من الضغوط التضخمية في حدود 5 بالمائة، أما الضغوط الناتجة عن تضخم العمالة الوافدة فيمكن الجدل أنها ليست تحت السيطرة، وليس أدل على ذلك من أن التحديات الرئيسية أمام اقتصادنا تتصل بسوق العمل وتؤثر سلباً وبصورة جوهرية على اقتصادنا ككل، فمثلاً يقوم التستر على اتفاق غير نظامي بين مواطن ووافد ويبدو أن هذه الظاهرة تفشت وانتشرت وأخذت تنهش اقتصادنا نهشاً، وعلى رغم من كل ما يقال إلا أننا لم نعالج الأسباب الجذرية بصرامة، فالتستر يحرم الخزانة العامة من حقوقها ويحرم المواطن من فرصة عمل ومن فرص استثمار.. التستر هو «طفيلي» ضخم يستنزف اقتصادنا ويعيق تحسين مستوى معيشة الفرد فهو يستبق المواطن للفرص ويختطفها اختطافاً بل يسرقها في وضح النهار ويحرم منها المواطن ويُذهب بذلك جزءاً مهماً من جهود التنمية والنمو سدى ومعها ما أنفق من مال عام ويغذي الفقر والقهر والغلاء. توتير: @ihsanbuhulaiga