أصبح القرار 2400 وعلى قول 2500 ينافس في شهرته قرار السعودة رقم (50) الذي وضع القطاع الخاص السعودي وجهاً لوجه أمام اتاحة المزيد من فرص العمل للمواطنين والمواطنات.. وكانت هناك مقاومة للقرار الصادر عن مجلس الوزراء في العام 1415هجرية رغم أن القرار كان متدرجاً ومتفهماً ويفرق –فيما يتعلق بنسب السعودة- بين الأنشطة، غير أن جهوداً بذلت لعرقلته، وليس أدل على ذلك من أن قطاعنا الخاص -وبعد 18 عاماً على صدور القرار- يعتمد اعتماداً هيكلياً على العمالة الوافدة، فنحو 90 بالمائة من عمالته وافدة أما من يعمل من السعوديين في القطاع الخاص فمتوسط رواتبهم لا يتجاوز 3500 ريال شهرياً أي ما يقل عن نصف متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وبفارق كبير عن متوسط راتب موظفي الحكومة.. ولذا، فمن يعمل من السعوديين في القطاع الخاص يتطلع –بطبيعة الحال- للحصول على وظيفة حكومية، فهي إجمالاً أعلى أجراً وأماناً وظيفياً. وهكذا.. فتحسين أوضاع المواطنين العاملين في القطاع الخاص شرط ضروري لاستبقائهم ولاستقطاب المزيد منهم للعمل في هذا القطاع، وضروري كذلك باعتبار أن الحكومة لن تستطيع –حتى لو أرادت- توظيف المزيد من المواطنين إلا من باب توزيع مخصصات؛ فقد تضاعف عدد العاملين فيها في أقل من ربع قرن ليتجاوز المليون موظف حالياً. وعليه، فالمخرج الذي احتضنه قرار مجلس الوزراء (50) وهو توظيف المزيد من السعوديين في القطاع الخاص ما زال من حيث الجوهر هو المخرج الأساس، لكن ما زالت الأجور منخفضة مقارنة بالقطاع الحكومي، وما زالت عجلة الاستقدام دائرة بهمة وحماس. وهذان أمران مشوهان لسوق العمل: فانخفاض الأجور في القطاع الخاص مقارنة بالحكومة يجعل بحث المواطن عن وظيفة في القطاع الخاص اختياراً ثانياً، أما الانفتاح على الاستقدام فيجعل اختيار أرباب العمل للسعودي خياراً ثانياً. وهكذا.. فنحن أمام "توظيف الاضطرار"، وحتى ينقلب الوضع ليصبح "توظيف الاختيار" فإن الاعتبارين المؤثرين في اختيارات الطرفين (الباحث ورب العمل) هما الأجر ثم ظروف العمل. وبالقطع، ليس هناك حلول سحرية بل هناك حلول تدريجية باتجاه تحسين متوسط أجر المواطن في القطاع الخاص ليضاهي –على أقل تقدير- ما يحصل عليه نظيره في الحكومة، وتقنين الاستقدام (بتدرج ووفق مدى زمني لكن لا بد أن يتقلص عدد العمالة الوافدة الكلي عاماً بعد عام) للحد من منافسة الوافدين من الخارج للمواطن. أما ربط التضخم برسم العمالة الوافدة فهذا من باب تغيير الموضوع، أما موضوعنا فهو الاعتماد المتصاعد على الموارد البشرية المواطنة وهذا أمر لم ولن يحدث صدفة ولم ولن يتحقق بالخيار، والدليل تجربة القرار رقم (50). توتير: @ihsanbuhulaiga