يقال: إن الفقر كافر، والغلاء هو آلة الفقر، ومقياس الغلاء هو التضخم في الأسعار. وقد كثر الحديث عن التضخم مؤخراً، لكن ظاهرة غلاء الأسعار وقدرة تاجر معين أن يرفع سعر سلعته لن تجدها الا مع غياب المنافسة وسيطرة تاجر أو مجموعة قليلة من التجار على السوق، وفوق ذلك دخول هؤلاء في اتفاقات خفية للاتفاق على الأسعار فيما بينهم حتى لا يكسروا عظام بعضهم البعض وليكون كسر العظم من نصيب المستهلك. وأولويات التسعير تقول إن السعر تحدده السوق ولا تحدده التكلفة؛ فالتاجر يعرف تكلفته جيداً ويحاول أن يضفطها بشتى الوسائل والسبيل ومن جانب آخر يسعى لبيع سلعته بأعلى سعر تمكنه منه السوق، فالتاجر حريص على تعظيم ربحه بأن يضغط التكلفة لأسفل ويرفع السعر لأعلى فالفارق هو ما يهم..الفارق هو صافي ربحه. لكن السوق تصفو أحياناً للتجار فيحقق ارباحاً عالية نتيجة للهامش وللكميات الكبيرة، وفي أحيان أخرى لا تسعف السوق التاجر فيضطر أن يقبل بالربح اليسير وفي أحيان أخرى يضطر بالقبول بما هو أسوأ وهو الخسارة. وهكذا، نجد أن من يتاجر يعمل وفق مقولة «جود السوق ولا جود البضاعة»، والأسواق تنتعش عندما تزيد الأموال بيد الناس فيكون الدخل المتاح للانفاق عاليا بما يمكن المستهلكين من الدخول للأسواق وشراء حاجياتهم، فكلما ارتفع دخل الشخص كلما زاد انفاقه. وعليه، وحتى «تجود الأسواق» فلابد من أن يجود كذلك دخل المستهلكين ويرتفع باضطراد، وهذا يحدث عندما يرتفع دخل المستهلك من راتب أو تجارة.. لكن في سوقنا نجد أن هناك شريحة واسعة ممن تدخل السوق لتنفق على الضروريات فلديها هاجس أساسي وهو الادخار وتوفير أكبر قدر من المال من سنوات الغربة بما يمكن المغترب الوافد من تحقيق ما يصبو اليه في بلده من امتلاك منزل وتعليم الأبناء بعد سنوات من الكد والتعب. وبالنتيجة يخرج كل شهر من اقتصادنا السعودي ما يقارب 9 مليارات على شكل تحويلات العمالة الوافدة، والمبلغ يتصاعد تصاعداً متواصلاً عاماً بعد عام، بل إن هذا المبلغ تضاعف خلال أقل من عقدين من الزمن، وهو مرشح للتصاعد ما دام اعتمادنا على العمالة الوافدة في تزايد ومادامت أعدادها تتصاعد دون ضابط. وعلينا ملاحظة ان تصدير الأموال للخارج متعجل بما لا يسمح للريالات من أن تتكاثر بل ترسل للخارج فينقطع نسلها هنا لتتكاثر بعيداً! لكن ما يدعو للتساؤل كيف حوالات العمالة الوافدة تسعة مليارات شهرياً وإجمالي أجور القطاع الخاص يقدر بنحو 9.4 مليار شهرياً؟ لست مستغرباً فقط أطرح سؤالا للتفكر والتأمل. توتير: @ihsanbuhulaiga