ليس هنالك أدنى شك بأن النهم الاستهلاكي، أضحى مسيطرا على الأفراد في شتى أنحاء العالم، إذ يشتكي الافراد من ضعف مدخولهم المالي مقارنة بأسعار السلع المشتراة، في الوقت الذي يتباكى فيه الاقتصاديون من أزمات البطالة وارتفاع ارقامها المتزامن في ظل تزايد معدلات البطالة دولياً . تقول الأرقام المنشورة إن معدل الشراء على الانترنت فقط فيما يسمى Black Friday أو الجمعة السوداء خلال عطلة عيد الشكر الامريكية الماضية ارتفع ستة وعشرون في المائة وصولاً إلى مليار دولار، وظهر التهافت في الاخبار المعروضة على القنوات الامريكية المحلية في الطوابير الطويلة التي كانت تنتظر فتح أبواب المحال التجارية الساعة الثانية عشرة صباحاً، فيما كانت أرقام طالبي إعانات البطالة هنالك تصل إلى أسوأ مستوياتها في عام ونصف، وتكرر النهم الاستهلاكي خلال «سايبر الاثنين» الذي ينتشر في دول بعضها يعاني اقتصادها من تدهور مخيف. تذكرت وأنا اتابع هذه الاحداث الأصوات المتعالية لدينا محلياً، والتي تشتكي بالويل والثبور من تراجع قدراتها المالية في مقابل تعاظم قيم السلع، إلا أن الفرد الذي سيدقق على الأمر سيجد أن طوابير مماثلة لتلك الامريكية تصطف يوميا في مراكز التسوق المحلية المختلفة، وتشتري ما تحتاجه وما قد لا تحتاجه، بل إن البعض يستدين ليسافر إلى دول مجاورة للصرف فقط وهنا تتبين أزمة الثقافة الاستهلاكية لدى الأفراد . لا أعتقد أن لدينا مشكلة في الاقتصاد تؤثر على العوائد المالية لعمل الفرد والتي تعكس مدخوله الشهري، إذ تؤكد التقارير أن التحويلات النقدية من المملكة تتجاوز 28 مليار دولار، وهو رقم يؤكد تراخي الهمم، وعدم القدرة على قيادة السوق من المواطنين بالمقارنة مع الاجانب، والجزء الأول من الحل تعمل عليه وزارة العمل مشكورة، فيما يقع الجزء الآخر منه على الفرد، وذلك في عدم انتظاره وظيفة لا يقدم من خلالها شيئا في وقت يشتكي فيه من ضيق الحال، بل بإطلاق مشروعه الصغير والطموح والاشراف المباشر عليه والذي سيكبر يوماً ويجعله في مصاف من يقرأ أخبارهم من التجار يومياً ويندب حظه وضيق حاله، ولنتذكر دوما أن «الإرادة هي الفكرة والعزيمة هي الروح» . [email protected]