بضعة أيام معدودة تفصلنا عن موعد لقرار تاريخي من أوباما في الثاني من أغسطس حول جرعة التخفيف الكمي (3) وحديث العالم أجمع حول العملة الخضراء التي خسرت من لونها الكثير منذ 2001م وتتركز اهتمامات المستثمرين عامة والمتحوطين خاصة على بنود لها حساسية عالية مع عملة الاحتياط (USD)، أبرزها الدين العام ومعدل البطالة وسندات الخزانة واحتياطي أمريكا من الذهب بالإضافة إلى سعر الفائدة وسعر الإقراض، ويوضح الجدول المرفق الفترة من 2002م إلى وقتنا الحاضر بدء تزايد ملفت في الدين العام من 6,9 ترليون دولار عندها معدل البطالة كان في أدنى مستويات العقد حيث لم يتجاوز 6% ونفس الأمر ينطبق على سندات الخزانة ومنذ تلك الفترة زادت عملية إصدار ديون بهذه السندات تقريبا 60% منها من الفدرالي الأمريكي ومن الجمهور ظفرت الصين بحصة الأسد الذي بدأت علامات الارتعاش تظهر عليه، ولم تحرك أمريكا أية نسب ملفتة وقوية في احتياطاتها من الذهب حيث بلغت 262 مليار دولار والآن تقف عند 5,261 مليار دولار، وكانت أمريكا قد رفعت سقف الديون بجرعة أولى من التخفيف الكمي بعد الأزمة المالية العالمية وكانت أول جرعة في 2009م والثانية في 2010م والأسواق الآن بانتظار الثالثة مع توقعات بأن يصل الدين العام في 2011م 5,14 ترليون دولار، ومنذ تخطي أمريكا نسبة الدين 10% وغرف التقييم الائتماني من شركات التصنيف لم تهدأ وأمريكا الآن لديها رتبة AAA وآخر تقرير لصندوق النقد أفاد بأن أمريكا دخلت في قائمة الشك. سيناريوهات ما بعد أغسطس كثير من المراقبين يتوقعون بأن تتم الموافقة على الجرعة الثالثة من التخفيف الكمي لكن المشكلة بالتوقيت فإذا تم حسم الموقف بين الحزبين بدون تأخير أكملت الأسواق مساراتها الصاعدة وأكمل الدولار مساره الهابط نحو أرقام تاريخية نتوقع أن تكون 56 أمام سلة عملاته وهي مؤلمة للمتحوطين ستجبرهم على البحث عن وعاء للقيمة يحفظ قيمة أصولهم من بينها السلع والأسهم، هذا السيناريو الذي نتوقعه في هذا التقرير تتفق معه حركة الدولار منذ 1986م وحتى الآن ويظهر الرسم البياني أنه في الحالات التي تشهد فيها أمريكا أرقاما متراجعة في معدل البطالة والدين العام نجد الطلب على الدولار يرتفع ويحقق قمما سعرية في 1986م كانت القمة 125 وفي عام 2001م كانت عند 122 وهي فترة كانت تعبر عن قرب انتهاء آخر دورة انتعش فيها الاقتصاد، وكان الدولار يعطي إشارات مبكرة على تصحيح واسع النطاق في الأصول ومنذ 2001م وحتى الآن يظهر سلوك الدولار في الأسواق نمطا سلبيا (مثلث هابط) استغرق تكوينه 10سنوات ويستهدف مستوى 56 أمام سلة عملاته هذا مدعوم بالفترة المتوقعة لتعافي أمريكا من العجز تماما بناء على النمو الربعي في الناتج القومي بمعدل 5,1% أي أنها بحاجة إلى 10سنوات للتعافي تبقى منها 6 سنوات. والسيناريو الثاني هو عدم الموافقة على جرعة التخفيف الكمي (3) وتوجيه السياسة المالية نحو خفض الإنفاق العام مما يعني إثبات فشل أمريكا على خروجها من الأزمة والتخبط ما بين إنعاش الاقتصاد وضخ النقود وخطط إنقاذ كلفت المليارات بعيد الأزمة المالية إلى سياسة مغايرة وهي التقشف بعد 3 سنوات من عمر الأزمة واللحاق بسياسة الأوربيين الذين كثيراً ما يسخرون من طريقة تعاملهم مع الأزمات، هذا يعطي إشارة قوية للمستثمر للتخارج الكبير من الاقتصاد الأمريكي بما فيها أسواقهم المالية مما سيربك ميزانها التجاري ويكدس سلعها على السواحل الأمريكية ولا ننسى الآثار السلبية لمعدل الاستهلاك للأفراد الذي يقوم عليه عصب الاقتصاد الأمريكي. والسيناريو الثالث هو أن تتم الموافقة على جرعة التخفيف الكمي لكن تطول الفترة الزمنية لاعتماد هذا القرار (بضعة أسابيع أو شهور معدودة) والهدف سياسي بحت قد يكون للجمهوريين فائدة من ذلك وهذا السيناريو مؤلم أيضا للدولار والأسواق المالية لأن الأسواق (لا تؤمن بالضباب).