فيما يبحر العالم نحو افق معيشي راق ومنظم، نغوص نحن في قضايا مزدحمة، ملتهبة، ومصيرية، نزدحم بالشارع، بالأفكار، بالسكن، بالتعليم، بالعمالة وبكل شيء يبدو محسوما لدى مجتمعات اخرى فيما نحن نغرق فيه. وفي الخبر سكنت قبل اعوام في حي جديد غير مرصوف الطرقات وليس فيه انارة كعادة جميع الاحياء السكنيةالجديدة، يأتي السكان اولا ومن ثم تأتي الخدمات، لكني رجعت بعد تلك الاعوام لأجد حيا آخر مختلفا فقد وصلت اليه الخدمات الرئيسية، الا ان الإضافة فيه كانت قطعة خضراء من حديقة انشأتها بلديه الخبر ضمن برنامج كبير وطموح لدى امانة المنطقة الشرقية. لا أبالغ إن قلت بأن تلك الحديقة أضافت بمحتوياتها من كراسي وألعاب وممشى بهجة في قلب سكان الحي، وهي حديقة صغيرة لا تتجاوز 1000 متر تقريبا وهي على كل حال كافية لهذا الحي «الجوهرة» نسبة لمساحته. اذا هناك أهمية بالغة لملف «تطوير الاحياء»، هو عبارة عن إنتاج بيئة معيشية متكاملة، مريحة بها كل متطلبات «الاوادم» خاصة اذ كان هؤلاء «الاوادم» يدفعون دم حياتهم لبناء او شراء وحدة سكنية مرة واحدة في العمر. بمعنى ان سوق التطوير العقاري غير معروف لغاية اليوم، وجميع تلك الارقام الرسمية تشير الى قطاع التشييد والانشاء وليس التطوير، حيث ان لدينا خلطا في المفهوم بين مطور وعقاري و«شريطي»، لغة التطوير بكل ما تعنيه هي رسم لوحة من المجتمع التفاعلي وسط بيئة صحية مطبقة في ارض الواقع من خلال المسطحات الخضراء وممرات المشي والرياضة واندية صغيرة لممارسة الرياضة ومستلزمات الحياة الضرورية في مجمع صغير يضم كل احتياجات سكان الحي. اما ما لدينا فهو عبارة عن احياء الكتل الإسمنتية المنزوع منها الجمال والصحة، واذا كنا نعتب على القطاع الخاص والذي من المفترض ان تكون القيادة له في هذا المجال، فالعتب الاكبر على المخططين في الامانات بإعطاء هذا الملف اولوية قصوى لجميع المخططات الجديدة، حيث حان الدور ان نخرج بشيء جديد وفي عالم متجدد، او اسناد هذا الدور للشركات المطورة محليا اذا ثبتت جدارتها او مطور عالمي. هذه الخواطر حول علم اسمه تخطيط المدن والاحياء، جاءت بعد تلبية لدعوة مع الزميل محمد السهلي من المطور العقاري الاخ ردن الدويش حيث غرقنا في تفاصيل احياء منسقة وجميلة، احياء لدينا القليل منها على عدد اصابع اليد، ولدى دول الخليج الكثير منها والكثير، لا احياء اسكن ومن ثم يأتيك «الربيع»، اقصد الخدمات التي قد لا تأتي. تويتر: @ssabahussain