الزواجي لا يقتصر على دولة أو ديانة أو ثقافة محددة إنما هو داء مجتمعي منتشر حول العالم حتى في الدول، التي قطعت أشواطا كبيرة في برامج تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين. ينتج العنف عن جملة دوافع منها الدوافع الاجتماعية، أو الدوافع الاقتصادية والضغوط المادية، التي تتصادم مع النزعة الاستهلاكية لدى بعض السيدات، إضافة للدوافع النفسية، التي تشمل العوامل النفسية، التي ساهمت في بناء الشخصية في الصغر كالتعرض للإيذاء أو العيش في أسرة تتعرض فيها الأم للعنف مما يطور شخصيات معادية للمجتمع، إضافة إلى الانخراط في سلوكيات إدمانية، التي تزيد من حالات الهياج والاضطراب والميل إلى العنف. على الرغم من كل الجهود المبذولة والتطور الذي نشهده بفضل الله على مستوى القوانين والأنظمة التي تقر إجراءات جزائية تتسم بالحزم والصرامة على أي تجاوزات أو اعتداءات على حقوق المرأة، لا يزال مسلسل العنف مستمرا!! أود أن نستجلي أسباب استمرار العنف من وجهة نظر نفسية، ما الذي قد يدفع بعض السيدات للتردد في اتخاذ إجراءات لإيقاف أشكال العنف والمطالبة بحق الانفصال المكفول بالشرع والقانون؟؟ قد يساعد السيدات فهم الدائرة النفسية للعنف، التي تتكون من ثلاث حلقات متسلسلة تبدأ بمحاولة الشريك فرض السيطرة وبسط النفوذ بالقوة مما ينتج مجموعة من الحوادث العنيفة يتوجه بعدها الشخص المعتدي إلى الاعتذار وإبداء المودة والحب قد يصل إلى الإغراق المشاعري، ويظهر الندم الساحق على ممارساته العنيفة، مما يدفع الضحية إلى الاعتقاد بأن العنف كان نتيجة انفعال وقتي ولن يتكرر مجددا (تعرف بمرحلة شهر العسل)، لكن سرعان ما تبدأ مرحلة بناء التوتر من جديد لتنتهي بانفجار عنيف تفشل فيه كل محاولات الشريك للتهدئة، على الرغم من أن دائرة العنف لا تنطبق على كل حالات العنف الزواجي لكنها أحد الأنماط السلوكية المتكررة للأشخاص المعتدين، عدم الإدراك الكافي لدائرة العنف من أسباب استمرار ضحايا العنف في العلاقة... بخلاف الأمل غير الواقعي بالتغير المستقبلي للزوج أو للرغبة في استمرار الزواج نتيجة الخوف على الأطفال أو غياب الاستقلالية المادية ومحدودية السند الاجتماعي للمطلقة قد يكون فشل المرأة في تحديد أنماط العلاقة السامة والمسيئة مبكرا، والانسحاب منها في الوقت المناسب سببا فيما نشهده من جرائم يهتز لها الوجدان. تدخل بعض السيدات إلى بيت الزوجية وهي معدة نفسية لتكون ضحية، وحيثما وجدت الضحية لا بد من وجود الجلاد، فكل منهما على ذبذبة فكرية وطاقية واحدة. يتعمد الزوج المعنف إشعار زوجته بالذنب والتقصير، فمن عادة الشخص المسيء ممارسة الإسقاطات للتخلي عن المسؤولية. غالبا ما يستعمل الشخص المعنف ردود الأفعال الطبيعية للدفاع عن النفس أو التي تصاحب الاضطراب العاطفي الناتج عن الإساءة، كالصراخ أو الدفع باليدين أثناء النزاع الزوجي ليتلاعب بزوجته ويثبت لها أنها هي أيضا زوجة مسيئة. سلوك الزوج العنيف عادة لا يظهر إلا في البيت لأن الأشخاص المسيئين غالبا يظهرون أمام الآخرين بمظهر الشخص اللائق اجتماعيا والمستقر نفسيا، لذلك ننصح السيدات دائما بالوضوح والشفافية في جلسات الإرشاد لأن المستشار الأسري نفسه في حال لم تتحدث الزوجة عن تعرضها للعنف قد يرجح أنها تعاني من أنماط غير سوية في التفكير أو السلوك. كل هذه الأسباب قد تدفع الزوجة للتماهي مع الشعور بالذنب والاستمرار في علاقة مؤذية. لذلك لا بد من إدخال برامج توعوية لنشر الوعي الزواجي والتعريف بالحقوق الزوجية ودعم برامج التوعية ما قبل الزواج، وتقديم إضاءات حول السمات الفكرية والسلوكية للزوج المعنف، إضافة لتجريم الجناة والدعم النفسي للضحايا ومساعدتهم لاستعادة حياتهم من جديد. @wallaabdallagas أخبار متعلقة إيران وأذرعها.. متى يتحرك العالم؟ عقود العمل غير محددة المدة ثقافة الشكر والامتنان