لا أخفي إعجابي ببعض قرارات وزارة العمل وبرامجها، وأخص بالذكر هنا برنامج «نطاقات» الذي ومع كل عيوبه والاستعجال في تطبيقه أرى أنه سيكون إيجابياً على حركة توطين الوظائف في الأجل الطويل. ولكن آخر قرارات وزارة العمل، والذي يقضي برفع تكلفة العمالة الوافدة بمقدار 200 ريال شهريا (2400 ريال سنوياً) في المنشآت التي تزيد فيها نسبة العمالة الأجنبية على الوطنية، هو بكل المقاييس قرار قاس على منشآت القطاع الخاص، وسيكون أثره تدميرياً على المنشآت الصغيرة. تخيلوا معي شاباً افتتح مؤسسته الصغيرة التي تتكون من 11 موظفاً، 10 منهم عمالة أجنبية، هذا الشاب سيتكلف رسوماً إضافية على كافة تكاليفه الأخرى كالفيز والإقامات والرواتب بمقدار 24 ألف ريال سنوياً!أتفهّم تماماً حرص الوزارة على توطين الوظائف لمعالجة إشكالية البطالة المستفحلة بين الشباب، ولست ضد رفع تكلفة استقدام العمالة الأجنبية بغرض تشجيع الطلب على الموظفين السعوديين، ولكن لماذا هذا الاستعجال؟ أذهلتني سرعة التطبيق وتمنيت لو احتذت بقية الوزارات والمؤسسات الحكومية بهذه السرعة في تفعيل القرارات! وبما أننا نتكلم عن سرعة اتخاذ وتطبيق القرار، أين وزارة العمل عن قرارات تحديد ساعات العمل في القطاع الخاص والتي صدر فيها قرار ملكي منذ أكثر من عام بدراسة تخفيضها ومنح جميع موظفي القطاع الخاص إجازة يومين؟ أم أن هناك علاقة طردية بين القرارات التي تدر دخلاً من عدمه مع سرعة تطبيق القرار؟ ولماذا قامت الوزارة بجهود حثيثة في «أخذ مرئيات» القطاع الخاص، والاجتماع برجال الأعمال والتجار في جميع أنحاء السعودية و «التحاور» معهم بخصوص ساعات العمل، فيما طبق قرار رفع تكلفة العمالة بشكل فوري؟أعلم أن قرار الوزارة الأخير سيدر دخلاً سنوياً لا يقل عن 5 مليارات ريال بعد استبعاد العمالة المنزلية، ولكن المحير أن هذه الأموال ستذهب إلى صندوق الموارد البشرية «هدف» المكتظ أساساً بالأموال بدل أن يذهب إلى تغذية ميزانية «حافز» التي تعين المواطنين العاطلين عن العمل! وأعلم أن أهدافاً سامية عدة ستتحقق من وراء هذا القرار مثل خفض العمالة الوهمية والتستر ورفع تكلفة توظيف العمالة الأجنبية ، ولكن على حساب من؟ الشركات الكبيرة والمتوسطة لن تتأثر وستمرر زيادة التكاليف إلى المواطن، أي أن نسبة التضخم ستشهد المزيد من الارتفاع الذي كان ولا يزال المواطن يكتوي بنيرانه!المتضرر الأكبر من هذا القرار سيكون المنشآت الصغيرة وشباب الأعمال، وستضاف قيمة الدخل من هذه الزيادات إلى المبالغ الطائلة السابقة التي غذت برامج السعودة دون فائدة حقيقية، فقد قدرت صحيفة الاقتصادية السعودية تكلفة توطين الوظيفة الواحدة خلال العشرة أعوام الماضية بمبلغ 3.6 مليون ريال! ترفقي بنا يا وزارة العمل، وحاولي أن «تتحاوري» مع الشريحة المتأثرة بقراراتك قليلاً، وبدل أن تفرضي «رسوماً» على صاحب العمل السعودي، لماذا لا تضعي «ضريبة» على دخل العامل الأجنبي؟ www.alkelabi.com